لماذا لا يقبل البروتستانت سفر المكابيين الأول؟ — شرح تاريخ قانونية الأسفار

مُلخص تنفيذي

سفر المكابيين الأول هو جزء من الأسفار القانونية الثانية التي تحتفظ بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية، بينما ترفضه الكنائس البروتستانتية. هذا الرفض ليس له أساس كتابي أو آبائي قوي، بل يعود إلى ظروف تاريخية وسياسية في القرن السادس عشر. يستعرض هذا المقال تاريخ قانونية الأسفار، ويوضح مكانة سفر المكابيين الأول في التقليد المسيحي، والأسباب اللاهوتية والتاريخية التي تجعل رفضه أمرًا غير مبرر. نهدف إلى تقديم فهم أعمق لهذه القضية، وتعزيز ثقتنا في الكتاب المقدس الكامل الذي تسلمناه من الآباء.

لماذا يثير سفر المكابيين الأول هذا الجدل؟ لنبدأ رحلة لاستكشاف تاريخ قانونية الأسفار، ونفهم الأسباب التي أدت إلى اختلاف الآراء حول هذا السفر المهم.

تاريخ قانونية الأسفار: نظرة عامة

قانونية الأسفار المقدسة ليست قضية بسيطة تم حسمها في لحظة واحدة. بل هي عملية طويلة من التمييز والاعتراف التدريجي من قبل الكنيسة عبر العصور. بدأ الأمر مع اليهودية القديمة، حيث كانت هناك اختلافات طفيفة بين المجموعات المختلفة حول بعض الأسفار.

في العهد الجديد، لم يقدم المسيح ولا الرسل قائمة محددة بالأسفار القانونية. بل استخدموا الأسفار التي كانت متداولة في المجامع اليهودية، بما في ذلك الأسفار التي تعرف اليوم بالقانونية الثانية. بولس الرسول نفسه يستشهد بأسفار غير موجودة في النسخة البروتستانتية من العهد القديم.

النقاط الرئيسية حول قانونية الأسفار:

  • التسليم الرسولي: الكنيسة تسلمت الأسفار من الرسل وخلفائهم.
  • 💡 الاستخدام الليتورجي: الأسفار التي كانت تستخدم في العبادة الكنسية اعتبرت قانونية.
  • 📖 توافقها مع التعليم الرسولي: الأسفار التي تتفق مع العقيدة المسيحية الصحيحة.

مكانة سفر المكابيين الأول في التقليد المسيحي

سفر المكابيين الأول يحكي قصة نضال اليهود ضد الاضطهاد الديني والسياسي من قبل الإمبراطورية السلوقية في القرن الثاني قبل الميلاد. هذه القصة تحمل دروسًا عظيمة في الإيمان والشجاعة والتمسك بالشريعة.

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تعتبر سفر المكابيين الأول جزءًا لا يتجزأ من الكتاب المقدس. نجد فيه العديد من الدروس الروحية والعقائدية الهامة. على سبيل المثال، يتحدث السفر عن قيامة الأموات (2 المكابيين 7)، وهو موضوع مركزي في الإيمان المسيحي.

اقتباسات آبائية هامة:

  • القديس أثناسيوس الرسولي: “πάλιν οὐκ ἔστιν ἔξωθεν τούτων, ἀλλὰ ἐκ τούτων ἡ πηγὴ τῆς ἀληθείας.” (Epistola Festalis 39) “Again, it is not from outside these, but from these is the source of truth.” (مرة أخرى، ليس من خارج هذه، ولكن من هذه هو مصدر الحقيقة.)
  • القديس كيرلس الكبير: “διδασκαλίαν τῶν Μακκαβαίων, οὐκ ἀγνώμονα.” (Commentarii in Prophetas) “The teaching of the Maccabees, not without grace.” (تعليم المكابيين، ليس بدون نعمة.)

سفر المكابيين يوضح أهمية الحفاظ على الهوية الدينية والوطنية في وجه التحديات الخارجية. إنه يقدم لنا أمثلة رائعة لأشخاص فضلوا الموت على إنكار إيمانهم.

لماذا يرفض البروتستانت سفر المكابيين الأول؟

رفض البروتستانت لسفر المكابيين الأول يعود إلى القرن السادس عشر، أثناء حركة الإصلاح. قام مارتن لوثر وغيره من المصلحين بتحديد قائمة جديدة للأسفار القانونية، بناءً على معايير مختلفة عن تلك التي اتبعتها الكنيسة التقليدية.

الأسباب الرئيسية لرفضهم:

  • الرجوع إلى النسخة العبرية: اعتمد البروتستانت على النسخة العبرية من الكتاب المقدس، والتي لم تكن تحتوي على سفر المكابيين. (ولكن هذه الحجة ضعيفة، لأن العهد الجديد كتب باليونانية واستخدم الترجمة السبعينية التي تحتوي على سفر المكابيين)
  • الاعتراض على بعض التعاليم: اعترضوا على بعض التعاليم الموجودة في سفر المكابيين، مثل الصلاة من أجل الموتى (2 المكابيين 12: 43-46).
  • التأثير السياسي: كان هناك تأثير سياسي أيضًا في هذا الرفض، حيث أراد المصلحون التمييز عن الكنيسة الكاثوليكية.

إلا أن هذه الأسباب لا تصمد أمام النقد التاريخي واللاهوتي. فالكنيسة المسيحية منذ العصور الأولى قد اعتبرت سفر المكابيين جزءًا من الكتاب المقدس. كما أن تعاليم السفر تتفق مع العقيدة المسيحية الصحيحة.

رفض سفر المكابيين الأول ليس له أساس قوي في الكتاب المقدس أو التقليد المسيحي. بل يعود إلى ظروف تاريخية وسياسية خاصة بالقرن السادس عشر.

الرد على الاعتراضات اللاهوتية

أحد الاعتراضات الرئيسية على سفر المكابيين هو الصلاة من أجل الموتى (2 المكابيين 12: 43-46). يرى البروتستانت أن هذا يتعارض مع تعليم الكتاب المقدس حول الخلاص بالإيمان وحده. ولكن هذا الاعتراض يتجاهل السياق الكامل للآية، وكذلك التقليد المسيحي في الصلاة من أجل المنتقلين.

الكتاب المقدس يقدم لنا أمثلة أخرى للصلاة من أجل الآخرين، سواء كانوا أحياء أو أموات. بولس الرسول نفسه صلى من أجل أهل أفسس (أفسس 1: 16-18). كما أن الكنيسة تصلي من أجل المنتقلين في القداس الإلهي، طلبًا للراحة والنعمة لهم.

2 المكابيين 12: 43-46 (Smith & Van Dyke): “ثم جمع يهوذا من كل واحد منهم فضة وجمع نحو الفي درهم وأرسل إلى أورشليم ليقدم بها ذبيحة عن الخطيئة محسنا جدا فيما فعل إذ كان يرى قيامة الأموات. لأنه لولا رجاؤه بقيامة الذين سقطوا لكان عبثا أن يصلي لأجل الموتى. ثم إنه فكر في أن الذين رقدوا بالتقوى لهم ثواب جزيل. فإنه مقدس ومغبوط هذا الفكر أن يصلي لأجل الموتى ليكفر عنهم.”

إن الصلاة من أجل الموتى تعبر عن محبتنا واهتمامنا بهم، وهي تعكس إيماننا بأنهم ما زالوا أحياء في حضرة الله. إنها ليست محاولة لتغيير مصيرهم، بل هي طلب للرحمة والنعمة من أجلهم.

FAQ ❓

  • ❓ لماذا يعتبر سفر المكابيين الأول مهما؟

    سفر المكابيين الأول مهم لأنه يروي قصة نضال اليهود من أجل الحرية الدينية، ويقدم لنا أمثلة رائعة في الإيمان والشجاعة. كما أنه يحتوي على تعاليم هامة حول قيامة الأموات والصلاة من أجل المنتقلين.

  • ❓ هل سفر المكابيين الأول يتفق مع الكتاب المقدس؟

    نعم، سفر المكابيين الأول يتفق مع الكتاب المقدس في تعاليمه ومبادئه. وهو يكمل الصورة الكاملة للكتاب المقدس، ويقدم لنا فهمًا أعمق لتاريخ الخلاص.

  • ❓ ما هي قيمة سفر المكابيين الأول لحياتنا اليوم؟

    سفر المكابيين الأول يعلمنا أن نتمسك بإيماننا في وجه التحديات، وأن نكون شجعانًا في الدفاع عن الحق، وأن نحب بعضنا البعض محبة حقيقية. إنه يشجعنا على أن نعيش حياة مقدسة، وأن نسعى إلى رضا الله في كل ما نفعل.

  • ❓ كيف يمكنني الاستفادة من سفر المكابيين الأول؟

    يمكنك الاستفادة من سفر المكابيين الأول من خلال قراءته بتأمل وصلاة، والتفكير في الدروس المستفادة منه، ومحاولة تطبيقها في حياتك اليومية. يمكنك أيضًا مناقشة السفر مع الآخرين، وتبادل الأفكار والآراء حوله.

الخلاصة

سفر المكابيين الأول هو جزء هام من الكتاب المقدس، ويحمل دروسًا قيمة في الإيمان والشجاعة والتمسك بالشريعة. رفض البروتستانت له ليس له أساس قوي في الكتاب المقدس أو التقليد المسيحي. بل يعود إلى ظروف تاريخية وسياسية خاصة بالقرن السادس عشر. علينا أن نتمسك بالكتاب المقدس الكامل الذي تسلمناه من الآباء، وأن نقرأ سفر المكابيين الأول بتأمل وصلاة، وأن نستفيد من تعاليمه في حياتنا اليومية. إن فهم لماذا لا يقبل البروتستانت سفر المكابيين الأول؟ – شرح تاريخ قانونية الأسفار، يعزز إيماننا وتقديرنا لتراثنا المسيحي الغني.

Tags

المكابيين, قانونية الأسفار, الكتاب المقدس, البروتستانت, الأرثوذكسية, الكاثوليكية, العهد القديم, التقليد المسيحي, آباء الكنيسة, تاريخ الكنيسة

Meta Description

اكتشف لماذا يرفض البروتستانت سفر المكابيين الأول! تحليل شامل لتاريخ قانونية الأسفار وموقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. تعرف على أهمية السفر وتأثيره على الإيمان المسيحي.

من

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *