هل مزمور 151 قانوني؟ نظرة أرثوذكسية شاملة

ملخص تنفيذي: قانونية مزمور 151 وتواجده في الكتاب المقدس

هل مزمور 151 قانوني؟ هذا السؤال يطرح نفسه باستمرار، خاصةً مع اختلاف وجوده بين التراجم المختلفة للكتاب المقدس. سنستكشف في هذا المقال العميق والمفصل، من منظور أرثوذكسي قبطي، قانونية هذا المزمور الفريد، معتمدين على الكتاب المقدس بعهديه، بما في ذلك الأسفار القانونية الثانية، وعلى أقوال الآباء، وتاريخ الكنيسة، لتقديم رؤية شاملة. سنوضح لماذا يعتبر مزمور 151 جزءاً أصيلاً من الكتاب المقدس في التقليد الأرثوذكسي، ولماذا لا يظهر في بعض التراجم البروتستانتية. سنتناول أيضًا سياق المزمور التاريخي والروحي، ونستخلص منه دروسًا عملية لحياتنا اليومية. هدفنا هو تعزيز فهمنا للكتاب المقدس وتقديرنا لثرائه الروحي واللاهوتي، مع التأكيد على وحدة الكتاب المقدس كله.

مقدمة: أهمية البحث في قانونية الكتاب المقدس

تعتبر قضية قانونية أسفار الكتاب المقدس من أهم القضايا اللاهوتية التي تستحق البحث والدراسة المتأنية. فالإيمان بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى بها، كما يؤمن الأرثوذكس، يقتضي منا فحص كل سفر وكل آية بعناية فائقة. هل مزمور 151 قانوني؟ هذا السؤال يقودنا إلى استكشاف أعمق لجذورنا الروحية وهويتنا المسيحية. هذا المقال سيوفر لك الإجابات من خلال دراسة شاملة.

قانونية الأسفار في التقليد الأرثوذكسي القبطي

يعتمد التقليد الأرثوذكسي القبطي على رؤية شاملة للكتاب المقدس، تشمل الأسفار القانونية الأولى والثانية (Deuterocanonical books). هذه الأسفار، والتي تشمل سفر طوبيا، ويهوديت، ومكابيين الأول والثاني، وسفر الحكمة، وسفر يشوع بن سيراخ، وأجزاء من سفر دانيال وإستير، تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الوحي الإلهي في الكنيسة الأرثوذكسية. قانونية هذه الأسفار ليست محل شك في الكنيسة القبطية.

• شهادة الآباء: آباء الكنيسة الأولون، مثل القديس أثناسيوس الرسولي والقديس كيرلس الكبير، اقتبسوا من هذه الأسفار واعتبروها جزءاً من الكتاب المقدس.
• الترجمة السبعينية: تعتبر الترجمة السبعينية (LXX)، وهي ترجمة يونانية للعهد القديم، مرجعاً هاماً في التقليد الأرثوذكسي. وتشمل هذه الترجمة الأسفار القانونية الثانية.
• استخدامها الليتورجي: تُقرأ الأسفار القانونية الثانية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال الصلوات والطقوس الكنسية المختلفة.

مزمور 151: السياق التاريخي والروحي

مزمور 151 هو مزمور إضافي موجود في الترجمة السبعينية للكتاب المقدس، وفي بعض المخطوطات القديمة لسفر المزامير. يصف المزمور قصة داود النبي وكيف مُسح ملكاً بينما كان يرعى غنم أبيه. يركز المزمور على تواضع داود وشجاعته، وكيف أن الله اختاره رغم صغر سنه وقلة خبرته.

• السياق التاريخي: يعكس المزمور الفترة التي سبقت تولي داود المُلك، والصراع بينه وبين جليات الجبار.
• السياق الروحي: يظهر المزمور كيف أن الله يختار الضعفاء ليخزي الأقوياء، وكيف أن التواضع هو طريق العظمة في ملكوت الله.
• الرسالة اللاهوتية: يؤكد المزمور على سيادة الله واختياره، وعلى أهمية الطاعة والثقة في الله في كل الظروف.

نرى في هذا المزمور صدى لما قاله القديس بولس الرسول: “اِخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ. وَاخْتَارَ اللهُ ضُعَفَاءَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الأَقْوِيَاءَ” (1 Corinthians 1:27 Smith & Van Dyke).

لماذا لا يوجد مزمور 151 في بعض التراجم البروتستانتية؟

يرجع سبب عدم وجود مزمور 151 في بعض التراجم البروتستانتية إلى اختلاف وجهات النظر حول قانونية الأسفار. خلال حركة الإصلاح البروتستانتي في القرن السادس عشر، تم إعادة تقييم قانونية الأسفار، وتم استبعاد الأسفار القانونية الثانية، بما في ذلك مزمور 151، من الكتاب المقدس البروتستانتي. استند هذا القرار إلى عدة عوامل، منها:

• عدم وجودها في النسخة العبرية الأصلية: الأسفار القانونية الثانية لم تكن موجودة في النسخة العبرية الأصلية التي اعتمد عليها بعض المصلحين البروتستانت.
• شكوك حول أصلها: أثيرت شكوك حول أصل هذه الأسفار، وتاريخ كتابتها، ومؤلفيها.
• اختلاف في العقيدة: رأى بعض المصلحين أن بعض العقائد الموجودة في الأسفار القانونية الثانية تتعارض مع العقيدة البروتستانتية.

على الرغم من ذلك، يجب أن نلاحظ أن العديد من الكنائس البروتستانتية، خاصةً في العصور السابقة، كانت تقبل الأسفار القانونية الثانية كقراءة مفيدة وملهمة، حتى لو لم تعتبرها جزءاً من الكتاب المقدس الرسمي.

أقوال الآباء عن الأسفار القانونية الثانية

يعتبر التقليد الأرثوذكسي القبطي أقوال الآباء مرجعاً هاماً في فهم الكتاب المقدس وتفسيره. العديد من الآباء اقتبسوا من الأسفار القانونية الثانية واعتبروها جزءاً من الوحي الإلهي. على سبيل المثال:

• القديس أثناسيوس الرسولي: في رسالته الفصحية رقم 39، يذكر القديس أثناسيوس بعض الأسفار القانونية الثانية ويوصي بقراءتها للموعوظين.
• القديس كيرلس الأورشليمي: في محاضراته التعليمية، يقتبس القديس كيرلس من سفر الحكمة ويشير إليه كسفر مقدس.
• القديس أغسطينوس: بالرغم من أنه كان له تحفظات في البداية، إلا أنه في النهاية قبل الأسفار القانونية الثانية واعتبرها جزءاً من الكتاب المقدس.

لننظر إلى ما قاله القديس أثناسيوس باللغة اليونانية: “Ἔστιν μὲν οὖν τῆς Παλαιᾶς Διαθήκης βιβλία ταῦτα· Γένεσις, Ἔξοδος, Λευϊτικόν, Ἀριθμοί, Δευτερονόμιον, Ἰησοῦς ὁ τοῦ Ναυῆ, Κριταί, Ῥοῦθ, Ἕβραίων, Ἐσθήρ, Ψαλμοί, Παροιμίαι, Ἐκκλησιαστής, ᾎσμα ᾀσμάτων, Ἰώβ, οἱ Προφῆται, Ἡσαΐας, Ἱερεμίας, Ἰεζεκιήλ, Δανιήλ. Πρὸς τούτοις ἐστὶν ἔτι καὶ ἕτερα βιβλία τῆς Παλαιᾶς Διαθήκης, τὰ μὲν διδάσκοντα, τὰ δὲ ἱστοροῦντα, ὧν ἐστιν Τωβίτ, Ἰουδίθ, Σοφία Σολομῶνος, Σοφία Σιράχ, Βαρούχ.” (Athanasius, *Epistola Festalis 39*). (English Translation: “These are the books of the Old Testament: Genesis, Exodus, Leviticus, Numbers, Deuteronomy, Joshua, Judges, Ruth, Hebrews, Esther, Psalms, Proverbs, Ecclesiastes, Song of Songs, Job, the Prophets, Isaiah, Jeremiah, Ezekiel, Daniel. Besides these, there are also other books of the Old Testament, some teaching, others narrating, of which are Tobit, Judith, Wisdom of Solomon, Wisdom of Sirach, Baruch.”). (Arabic Translation: “هذه هي أسفار العهد القديم: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية، يشوع بن نون، القضاة، راعوث، عبرانيين، أستير، المزامير، الأمثال، الجامعة، نشيد الأنشاد، أيوب، الأنبياء، إشعياء، إرميا، حزقيال، دانيال. بالإضافة إلى ذلك، توجد أيضًا أسفار أخرى من العهد القديم، بعضها يعلم، وبعضها يروي، ومنها طوبيا، ويهوديت، حكمة سليمان، حكمة سيراخ، باروخ.”)

تأثير مزمور 151 على حياتنا الروحية اليوم

على الرغم من أن مزمور 151 قد لا يكون موجوداً في كل التراجم، إلا أن رسالته الروحية تظل قوية ومؤثرة. يمكننا أن نتعلم من داود النبي كيف نثق في الله في كل الظروف، وكيف نواجه التحديات بشجاعة وتواضع. يمكننا أيضاً أن نتذكر أن الله يختار الضعفاء ليخزي الأقوياء، وأن التواضع هو طريق العظمة في ملكوت الله.

• الثقة في الله: تعلم أن تثق في الله في كل الظروف، حتى عندما تبدو الأمور مستحيلة.
• التواضع: كن متواضعاً في كل ما تفعله، وتذكر أن الله هو الذي يعمل فيك.
• الشجاعة: واجه التحديات بشجاعة وثقة في الله، ولا تخف من الصعاب.
• الخدمة: اخدم الله والآخرين بكل قلبك، وتذكر أن الخدمة هي طريق العظمة في ملكوت الله.

FAQ ❓

س: هل يعتبر مزمور 151 جزءاً من الكتاب المقدس في الكنيسة الأرثوذكسية القبطية؟

ج: نعم، يعتبر مزمور 151 جزءاً من الكتاب المقدس في الكنيسة الأرثوذكسية القبطية، ويوجد في الترجمة السبعينية للكتاب المقدس، والتي تعتبر مرجعاً هاماً في التقليد الأرثوذكسي.

س: لماذا لا يوجد مزمور 151 في بعض التراجم البروتستانتية؟

ج: يرجع ذلك إلى اختلاف وجهات النظر حول قانونية الأسفار، حيث تم استبعاد الأسفار القانونية الثانية، بما في ذلك مزمور 151، من الكتاب المقدس البروتستانتي خلال حركة الإصلاح البروتستانتي.

س: ما هي الرسالة الروحية لمزمور 151؟

ج: يركز المزمور على تواضع داود وشجاعته، وكيف أن الله اختاره رغم صغر سنه وقلة خبرته، ويؤكد على سيادة الله واختياره، وعلى أهمية الطاعة والثقة في الله في كل الظروف.

س: كيف يمكننا تطبيق دروس مزمور 151 في حياتنا اليومية؟

ج: يمكننا أن نتعلم من داود النبي كيف نثق في الله في كل الظروف، وكيف نواجه التحديات بشجاعة وتواضع، وأن نتذكر أن الله يختار الضعفاء ليخزي الأقوياء، وأن التواضع هو طريق العظمة في ملكوت الله.

الخلاصة: رسالة الوحدة والثقة في الكتاب المقدس

في الختام، يظهر لنا بحثنا أن قضية هل مزمور 151 قانوني؟ تتعلق بالاختلافات التاريخية واللاهوتية بين التقاليد المسيحية المختلفة. في الكنيسة الأرثوذكسية القبطية، نؤمن بقانونية مزمور 151، ونعتبره جزءاً من الكتاب المقدس الموحي به من الله. تعلمنا هذه الدراسة أن نثق في التقليد الكنسي، وأن نفحص الكتاب المقدس بعناية وتدبر، وأن نطبق رسالته في حياتنا اليومية. فلنعمل على تعزيز وحدتنا المسيحية، ولنحرص على فهم وجهات النظر المختلفة، ولنتمسك بإيماننا الأرثوذكسي الأصيل. مزمور 151 يذكرنا دائماً بتواضع داود، وشجاعته، وأهم من ذلك ثقته المطلقة في الله.

Tags

مزمور 151, قانونية الكتاب المقدس, الأسفار القانونية الثانية, الكنيسة القبطية الأرثوذكسية, آباء الكنيسة, التقليد الأرثوذكسي, الكتاب المقدس البروتستانتي, الترجمة السبعينية, داود النبي, الثقة بالله

Meta Description

هل مزمور 151 قانوني؟ اكتشف الجواب من منظور أرثوذكسي قبطي شامل. تحليل لاهوتي وتاريخي لقانونية المزمور وأهميته الروحية، ولماذا لا يوجد في بعض التراجم البروتستانتية.