كيف نفهم نبوة آلام المسيح في سفر الحكمة؟ نظرة أرثوذكسية
ملخص تنفيذي
يثير سؤال: كيف نفهم نبوة آلام المسيح في سفر الحكمة؟ وخصوصًا قول الأشرار: “لنمتحنه بالشتيمة والعذاب” (حك 2: 19) وعلاقته بآلام المسيح، تساؤلات هامة حول أصالة النص. هل هذه الآية دليل على أن النص أُضيف بعد المسيحية؟ هذا البحث يتناول هذه الشكوك من منظور أرثوذكسي قبطي، مستندًا إلى الكتاب المقدس بعهديه، وأقوال الآباء، والسياق التاريخي للنص. سنستكشف دقة هذه النبوءة، ونوضح أن التشابه بينها وبين آلام المسيح ليس دليلًا على الإضافة، بل هو شهادة قوية على الوحي الإلهي الذي سبق ورأى آلام المسيح. كما سنتطرق إلى أهمية سفر الحكمة في التقليد الكنسي الأرثوذكسي وتأثيره على فهمنا للاهوت الخلاص.
يتناول هذا البحث أيضًا دور سفر الحكمة في إظهار حكمة الله الخلاصية، وكيف أنه يُعدّ جزءًا لا يتجزأ من الكتاب المقدس بشهادة الكنيسة الأولى. وسنقدم تطبيقات عملية لهذه الحقائق الكتابية في حياتنا الروحية اليومية.
مقدمة
إن سؤال كيف نفهم نبوة آلام المسيح في سفر الحكمة؟ سؤال جوهري يتعلق بفهمنا للكتاب المقدس وعلاقته بآلام المسيح. يشكل سفر الحكمة جزءاً من الأسفار القانونية الثانية أو الأسفار المحذوفة بحسب التسمية البروتستانتية والتي تقبلها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. تثار الشكوك حول هذه الأسفار بحجة أنها لم تكن جزءاً من العهد القديم العبري. ولكن، هذه الشكوك تتجاهل حقيقة أن الترجمة السبعينية للعهد القديم، والتي استخدمها المسيح والرسل، كانت تتضمن هذه الأسفار.
أصالة سفر الحكمة في التقليد الأرثوذكسي
إن أصالة سفر الحكمة واستخدامه في الكنيسة الأولى هو دليل على قيمته اللاهوتية والروحية. دعونا نتأمل في بعض الأدلة:
- الترجمة السبعينية: احتواء الترجمة السبعينية على سفر الحكمة، وهي الترجمة التي استعملها الرب يسوع المسيح ورسله، يعطي السفر شرعية كبيرة.
- اقتباسات الآباء: اقتباسات آباء الكنيسة من سفر الحكمة، سواء قبل أو بعد مجمع خلقيدونية، تؤكد على قبوله وتداوله في الأوساط المسيحية.
- مكانة السفر في الطقس الكنسي: استخدام سفر الحكمة في قراءات الكنيسة، خصوصًا في بعض المناسبات الليتورجية، يشير إلى أهميته الروحية واللاهوتية.
تفسير نبوة “لنمتحنه بالشتيمة والعذاب” (حك 2: 19)
الآية محل النقاش، “لنمتحنه بالشتيمة والعذاب” (حك 2: 19)، تبدو وكأنها وصف دقيق لآلام المسيح. ولكن هل هذا التشابه يعني أن النص أُضيف بعد المسيحية؟
دعونا نتناول هذه المسألة بتعمق:
- السياق الأدبي للنص: يجب فهم الآية في سياقها الكامل داخل سفر الحكمة. النص يتحدث عن الأشرار الذين يضطهدون الأبرار بسبب برهم، وهذا موضوع شائع في الكتاب المقدس.
- النبوءات في العهد القديم: العهد القديم مليء بالنبوءات التي تشير إلى آلام المسيح (إشعياء 53، مزمور 22). سفر الحكمة ينسجم مع هذا التقليد النبوي.
- الوحي الإلهي: الإيمان المسيحي يؤمن بأن الله قادر على إلهام الأنبياء للكتابة عن أحداث مستقبلية، حتى لو بدت مستحيلة في وقت كتابتها.
يقول القديس كيرلس الكبير: “Οὐ γὰρ ἐπὶ τοῖς τότε γεγενημένοις ταῦτα εἰρήκασιν, ἀλλ’ ἐπὶ τοῖς μέλλουσιν ἔσεσθαι περὶ τοῦ Χριστοῦ.” (PG 69: 213) وتعني: “إنهم لم يقولوا هذه الأشياء عن الأحداث التي حدثت في ذلك الوقت، بل عن الأشياء التي ستحدث بخصوص المسيح.” (St. Cyril of Alexandria, Commentary on Isaiah). وبالعربية: “لم يتحدثوا عن أحداث ذلك الزمان بل عما سيحدث بشأن المسيح.”
الأهمية اللاهوتية لنبوءة آلام المسيح في سفر الحكمة
تبرز نبوءة آلام المسيح في سفر الحكمة أهمية لاهوتية كبيرة:
- إظهار حكمة الله: تُظهر هذه النبوءة حكمة الله الفائقة، فهو يعرف المستقبل ويُعد خططًا لخلاص البشرية من خلال آلام المسيح.
- تأكيد على طبيعة المسيح: التشابه بين هذه النبوءة وآلام المسيح يؤكد على طبيعة المسيح كالمتألم لأجلنا، والذي حمل خطايا العالم.
- دعوة إلى التأمل: تدعونا هذه النبوءة إلى التأمل في آلام المسيح ومعانيها الخلاصية، وكيف أنها غيرت مجرى التاريخ.
يقول القديس أثناسيوس الرسولي: “Διὰ τοῦτο γὰρ ἔπαθεν, ἵνα ἡμᾶς ἐλευθερώσῃ.” (PG 25: 188) وتعني: “لهذا السبب تألم، لكي يحررنا.” (St. Athanasius, On the Incarnation). وبالعربية: “لهذا تألم لكي يحررنا”.
تطبيقات روحية في حياتنا اليومية
إن فهمنا لنبوءة آلام المسيح في سفر الحكمة يجب أن ينعكس على حياتنا اليومية:
- التأمل في آلام المسيح: تخصيص وقت للتأمل في آلام المسيح، خصوصًا في فترة الصوم الكبير وأسبوع الآلام، يساعدنا على فهم محبته العظيمة لنا.
- التحلي بالصبر في التجارب: عندما نواجه تجارب في حياتنا، يجب أن نتذكر آلام المسيح وكيف احتملها بصبر، وهذا يعطينا القوة لمواجهة صعوباتنا.
- مشاركة الآخرين في آلامهم: دعوة لنا لمشاركة الآخرين في آلامهم، وتقديم العون والمساعدة لهم، اقتداءً بالمسيح الذي تألم من أجلنا.
FAQ ❓
س: هل سفر الحكمة جزء أصيل من الكتاب المقدس؟
ج: نعم، سفر الحكمة هو جزء أصيل من الكتاب المقدس بحسب التقليد الأرثوذكسي، وهو موجود في الترجمة السبعينية التي استخدمها الرب يسوع المسيح ورسله.
س: كيف نفهم التشابه بين نبوءة سفر الحكمة وآلام المسيح؟
ج: التشابه ليس دليلًا على الإضافة، بل هو شهادة على الوحي الإلهي الذي سبق ورأى آلام المسيح. الله قادر على إلهام الأنبياء للكتابة عن أحداث مستقبلية.
س: ما هي أهمية سفر الحكمة في حياتنا الروحية؟
ج: سفر الحكمة يعلمنا عن حكمة الله وعنايته بخليقته، ويدعونا إلى التأمل في آلام المسيح ومعانيها الخلاصية، وكيف أنها غيرت مجرى التاريخ.
س: كيف يمكنني تطبيق دروس سفر الحكمة في حياتي اليومية؟
ج: يمكنك تطبيق دروس سفر الحكمة بالتأمل في آلام المسيح، والتحلي بالصبر في التجارب، ومشاركة الآخرين في آلامهم.
خلاصة
إن دراسة نبوءة آلام المسيح في سفر الحكمة تزيدنا فهمًا لعمق التدبير الإلهي للخلاص. إن قول الأشرار: “لنمتحنه بالشتيمة والعذاب” (حك 2: 19) ليس إضافة لاحقة بل هو جزء من الوحي الذي أعلنه الله لأنبيائه. إن فهمنا الصحيح للكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد، يقودنا إلى الإيمان الراسخ بأن المسيح هو محور الكتاب كله. فلنتأمل في آلام المسيح ونعيش بحسب تعاليمه، مقتدين بحكمته ومحبته. كيف نفهم نبوة آلام المسيح في سفر الحكمة؟ يجب أن يكون سؤالاً دائمًا يثير فينا الشوق إلى معرفة المزيد عن الله وعن خطته الخلاصية.
Tags
الكتاب المقدس, سفر الحكمة, آلام المسيح, نبوءات, آباء الكنيسة, الكنيسة القبطية الأرثوذكسية, الوحي الإلهي, اللاهوت الأرثوذكسي, Tradução Septuaginta, الإيمان المسيحي
Meta Description
استكشف المعنى العميق لنبوءة “لنمتحنه بالشتيمة والعذاب” (حك 2: 19) في سفر الحكمة وعلاقتها بآلام المسيح. تحليل أرثوذكسي قبطي يرد على الشكوك ويوضح أصالة النص. كيف نفهم نبوة آلام المسيح في سفر الحكمة؟