كيف نرد على من يقول إن النبوات عن كورش (إش 44: 28؛ 45: 1) كُتبت بعد الحدث؟ الدفاع عن أصالة نبوات كورش
ملخص تنفيذي
هل يمكن الوثوق بالكتاب المقدس؟ سؤال يطرح نفسه بقوة عند مواجهة ادعاء بأن نبواته كتبت بعد وقوع الأحداث. هذه المقالة تتناول بالتفصيل الادعاء بأن نبوات إشعياء عن كورش (إش 44: 28؛ 45: 1) كُتبت بعد أن سمح كورش بعودة اليهود من السبي البابلي، وبالتالي فهي ليست نبوات حقيقية. سنستعرض أدلة قوية من الكتاب المقدس والآباء واللاهوت القبطي، بالإضافة إلى الأدلة التاريخية والأثرية، لدحض هذا الادعاء. سنوضح أن الأدلة تشير بقوة إلى أن هذه النبوات كتبت قبل حكم كورش، مما يؤكد أصالة الكتاب المقدس وقوة النبوة الحقيقية. هدفنا هو تقديم رد مقنع ومدروس على هذا التحدي، وتعزيز إيماننا بكلمة الله الحية والفعالة. هذا المقال يهدف إلى إعطاء المؤمنين أدوات قوية للدفاع عن إيمانهم، وفهم أعمق لكلمة الله.
إن نبوات الكتاب المقدس ليست مجرد تكهنات، بل هي إعلانات إلهية تحمل قوة تغيير التاريخ. كيف نرد على من يقول إن النبوات عن كورش (إش 44: 28؛ 45: 1) كُتبت بعد الحدث وليست نبوة حقيقية؟ هذا السؤال يقودنا إلى رحلة لاستكشاف الأدلة التي تثبت صحة هذه النبوات، وتؤكد سلطان الله على التاريخ.
أصالة سفر إشعياء وتاريخ كتابته
من أهم الخطوات في دحض هذا الادعاء هو إثبات أصالة سفر إشعياء وتاريخ كتابته. يعود تاريخ كتابة الأجزاء الرئيسية من سفر إشعياء إلى الفترة بين 740 ق.م و 681 ق.م، أي قبل ولادة كورش بفترة طويلة. سفر إشعياء نفسه يقدم أدلة داخلية على أنه كُتب في القرن الثامن قبل الميلاد. بالإضافة إلى ذلك، تشهد المخطوطات القديمة (مثل مخطوطات قمران) على وجود سفر إشعياء في شكله الحالي قبل الميلاد. هذه الأدلة تجعل من المستحيل القول بأن السفر كُتب بأكمله بعد حكم كورش.
- الأدلة الداخلية: يذكر السفر أحداثًا وقعت في حياة إشعياء، مثل حصار القدس من قبل سنحاريب (إش 36-39)، مما يشير إلى أنه كُتب أثناء هذه الفترة.
- مخطوطات قمران: وجود نسخة كاملة تقريبًا من سفر إشعياء ضمن مخطوطات قمران، التي تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، يثبت أن السفر كان موجودًا قبل الميلاد بفترة طويلة.
- شهادة التاريخ: المؤرخون القدماء يشيرون إلى وجود سفر إشعياء قبل كورش.
النبوة التفصيلية عن كورش: دليل على الوحي الإلهي
إن تفاصيل النبوة عن كورش (إش 44: 28؛ 45: 1) هي دليل قوي على الوحي الإلهي. ليس من المنطقي أن يعرف شخص يعيش قبل أكثر من مائة عام اسم ملك سيأتي ويحرر شعب إسرائيل. هذه الدقة في النبوة تشير إلى أن مصدرها هو الله نفسه.
دعونا نتأمل في كلمات إشعياء (44: 28): “الْقَائِلُ عَنْ كُورَشَ: رَاعِيَّ. فَكُلَّ مَسَرَّتِي يُتَمِّمُ، وَيَقُولُ عَنْ أُورُشَلِيمَ: تُبْنَى. وَلِلْهَيْكَلِ: تُؤَسَّسُ”.
ثم إشعياء (45: 1): “هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ الَّذِي أَمْسَكْتُ بِيَمِينِهِ لأَدُوسَ أَمَامَهُ أُمَمًا، وَأَحْقَاءَ مُلُوكٍ أَحُلُّ. لأَفْتَحَ أَمَامَهُ الْمِصْرَاعَيْنِ، وَالأَبْوَابُ لاَ تُغْلَقُ”. (Smith & Van Dyke)
إن استخدام كلمة “راعى” لوصف كورش، وتحديد مهمته بإعادة بناء أورشليم وتأسيس الهيكل، يشير إلى أن الله كان يعمل من خلاله لتحقيق مقاصده. النبوة تتجاوز مجرد التنبؤ بحدث؛ إنها تكشف عن خطة الله الشاملة للخلاص.
تحليل لاهوتي من منظور قبطي أرثوذكسي
من منظور لاهوتي قبطي أرثوذكسي، النبوة هي عمل الروح القدس الذي يوحي لأنبياء الله بما سيكون. الآباء يؤكدون على أن الكتاب المقدس كله موحى به من الله، وأن الأنبياء كانوا أدوات في يد الله لإعلان مشيئته. يقول القديس أثناسيوس الرسولي:
“πᾶσα γραφὴ θεόπνευστος καὶ ὠφέλιμος πρὸς διδασκαλίαν, πρὸς ἐλεγμόν, πρὸς ἐπανόρθωσιν, πρὸς παιδείαν τὴν ἐν δικαιοσύνῃ.”
“كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر.” (De Incarnatione, 56)
أو كما ترجمها إلى العربية:
“كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ والتقويم والتأديب الذي في البر.” (تجسد الكلمة، 56)
هذا التأكيد على الوحي الإلهي للكتاب المقدس هو حجر الزاوية في الإيمان القبطي الأرثوذكسي. النبوة ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي إعلان عن طبيعة الله وقوته، وعن خطته لخلاص العالم.
السياق التاريخي والجغرافي للنبوة
لفهم النبوة بشكل أفضل، يجب أن نأخذ في الاعتبار السياق التاريخي والجغرافي. كان شعب إسرائيل في السبي البابلي لمدة سبعين عامًا، وكانوا يعانون من اليأس والضياع. في هذا السياق، جاءت نبوة إشعياء عن كورش كشعاع نور في الظلام، وأعطت الشعب رجاء في المستقبل.
كانت بابل مدينة عظيمة وقوية، وكان من الصعب تصور أن ملكًا أجنبيًا سيتمكن من إسقاطها وتحرير شعب إسرائيل. هذا يجعل النبوة أكثر إعجازية، ويؤكد أنها لم تكن مجرد تخمين، بل كانت إعلانًا إلهيًا.
الأدلة الأثرية والعلمية
على الرغم من أن الأدلة الأثرية لا يمكن أن تثبت بشكل قاطع أن النبوة كتبت قبل حكم كورش، إلا أنها تدعم أصالة سفر إشعياء وتاريخ كتابته. اكتشاف مخطوطات قمران، التي تحتوي على أجزاء كبيرة من سفر إشعياء، يؤكد أن السفر كان موجودًا قبل الميلاد بفترة طويلة.
بالإضافة إلى ذلك، الاكتشافات الأثرية في بابل وفارس تؤكد صحة التفاصيل التاريخية المذكورة في سفر إشعياء عن كورش وحكمه. هذا يعطي مصداقية أكبر للنبوة ويساعدنا على فهمها في سياقها التاريخي.
FAQ ❓
- ❓ هل يمكن أن يكون إشعياء قد سمع عن كورش من مصادر أخرى قبل كتابة النبوة؟
لا يوجد دليل تاريخي يشير إلى أن إشعياء كان لديه معرفة مسبقة بكورش. حتى لو كان قد سمع عنه، فمن غير المحتمل أن يعرف تفاصيل دوره في تحرير شعب إسرائيل وإعادة بناء الهيكل. دقة النبوة تشير إلى أنها كانت وحيًا إلهيًا.
- ❓ لماذا يذكر الكتاب المقدس كورش بالاسم؟
ذكر كورش بالاسم يؤكد أن الله كان يعمل من خلاله لتحقيق مقاصده. هذا يظهر أن الله ليس فقط إله إسرائيل، بل هو أيضًا إله الأمم، وأنه يستخدم حتى الحكام الوثنيين لتحقيق خطته للخلاص.
- ❓ ما هي الدروس الروحية التي يمكن أن نتعلمها من هذه النبوة؟
نتعلم من هذه النبوة أن الله يسيطر على التاريخ، وأن كلمته تتحقق دائمًا. تعلمنا أيضًا أن الله يستخدم الأشخاص العاديين لتحقيق مقاصده، وأننا يجب أن نثق به حتى في أصعب الظروف.
- ❓ كيف يمكنني استخدام هذه المعلومات للدفاع عن إيماني؟
يمكنك استخدام هذه المعلومات لشرح الأدلة التي تدعم أصالة نبوات الكتاب المقدس، والتأكيد على أن الكتاب المقدس ليس مجرد كتاب تاريخي، بل هو كلمة الله الحية والفعالة. يمكنك أيضًا مشاركة هذه المعلومات مع الآخرين الذين لديهم شكوك حول الكتاب المقدس.
الخلاصة
في الختام، وبعد دراسة الأدلة الكتابية والتاريخية والأثرية واللاهوتية، نجد أن الادعاء بأن نبوات إشعياء عن كورش (إش 44: 28؛ 45: 1) كُتبت بعد الحدث هو ادعاء لا أساس له من الصحة. الأدلة تشير بقوة إلى أن هذه النبوات كُتبت قبل حكم كورش، وأنها كانت وحيًا إلهيًا. هذه النبوة تؤكد أصالة الكتاب المقدس وقوة النبوة الحقيقية، وتعطينا رجاء في أن الله يسيطر على التاريخ ويعمل من خلال الأحداث لتحقيق مقاصده. كيف نرد على من يقول إن النبوات عن كورش (إش 44: 28؛ 45: 1) كُتبت بعد الحدث؟ نرد عليهم بالأدلة والبراهين التي تثبت أصالة النبوة وقوة كلمة الله.
Tags
إشعياء, كورش, نبوة, الكتاب المقدس, أصالة, لاهوت قبطي, آباء الكنيسة, مخطوطات قمران, دليل, تاريخ
Meta Description
كيف نرد على من يقول إن النبوات عن كورش (إش 44: 28؛ 45: 1) كُتبت بعد الحدث؟ رد مفصل ومدروس مع أدلة كتابية وتاريخية ولاهوتية قبطية لدحض هذا الادعاء وتأكيد أصالة الكتاب المقدس.