كيف يسمح الله بقتل الأطفال وتجويع النساء في الحصار؟ نظرة أرثوذكسية عميقة
ملخص تنفيذي
تواجهنا في سفر إرميا صورة مؤلمة: حصار، قتل للأطفال، وتجويع للنساء. هذا النص يثير تساؤلات عميقة حول عدالة الله ورحمته، وكيف يمكن أن يسمح بهذه المعاناة المروعة. هذه المقالة تسعى للإجابة على هذه التساؤلات من منظور أرثوذكسي قبطي، مستندة إلى الكتاب المقدس بعهديه، أقوال الآباء، والسياق التاريخي والجغرافي. سنستكشف مفهوم العقاب الإلهي، حرية الإرادة البشرية، والأبعاد الروحية للمعاناة، وكيف يمكن للإيمان أن يقودنا إلى السلام في وجه الشدائد. كيف يسمح الله بقتل الأطفال وتجويع النساء في الحصار؟ هو سؤال مؤرق، ولكن من خلال الفهم الأرثوذكسي الشامل، يمكننا أن نجد بعض العزاء والرجاء.
مقدمة: سؤال يزلزل القلب، كيف يمكن أن يسمح الله بمثل هذه الفظائع؟ هذا السؤال هو صرخة الإنسانية عبر العصور، ويستحق منا بحثًا جادًا وصادقًا عن الحقيقة.
قساوة الحرب والعقاب الإلهي: نظرة في سفر إرميا
سفر إرميا يقدم لنا صورة قاتمة لحصار أورشليم من قبل البابليين. نقرأ عن معاناة لا توصف، بما في ذلك قتل الأطفال وتجويع النساء (إرميا 9: 22 “إن الموت قد صعد إلى كوانا، دخل قصورنا ليقطع الأطفال من الخارج والشبان من الساحات”). هذا النص يثير تساؤلات صعبة حول طبيعة الله وعدله.
السؤال هنا ليس ببساطة “هل الله يسمح بالمعاناة؟” بل “لماذا يسمح الله بمثل هذه المعاناة المروعة؟”. للإجابة، يجب أن نفهم أن العقاب الإلهي في الكتاب المقدس ليس انتقامًا أعمى، بل هو دعوة للتوبة والرجوع إلى الله. إسرائيل القديمة كسرت العهد مع الله، وعبدت الأوثان، وارتكبت الظلم. الحصار كان نتيجة مباشرة لأفعالهم الشريرة. (تثنية 28: 53 “فتأكلون ثمرة بطونكم لحم بنيكم وبناتكم الذين أعطاك الرب إلهك في الحصار والضيقة التي يضايقك بها عدوك”).
- العقاب كدعوة للتوبة: الله يستخدم الضيقات كوسيلة لإيقاظ الناس من سباتهم الروحي وإعادتهم إليه.
- حرية الإرادة البشرية: الله يحترم حرية الإنسان، حتى عندما يختار الشر. المعاناة هي نتيجة طبيعية لاختياراتنا الخاطئة.
- العدالة الإلهية: الله عادل، ولن يسمح للشر أن ينتصر إلى الأبد. الدينونة قادمة، وسينال كل واحد جزاءه العادل.
- السياق التاريخي والجغرافي: أورشليم كانت مدينة محصنة، والحصار كان وسيلة لإجبارها على الاستسلام. المعاناة كانت نتيجة استراتيجية عسكرية.
أقوال الآباء: نور في ظلام المعاناة
آباء الكنيسة قدموا لنا رؤى عميقة حول معنى المعاناة وكيفية التعامل معها. القديس أثناسيوس الرسولي، على سبيل المثال، يوضح أن الله يسمح بالضيقات لكي يختبر إيماننا ويقوينا.
القديس أثناسيوس الرسولي (باليونانية: Ἁγιος Ἀθανάσιος Ἀρχιεπίσκοπος Ἀλεξανδρείας) يقول: “Ὁ γὰρ Θεὸς οὐ πειράζει, ἀλλὰ δοκιμάζει.” (Athanasius, *Apologia Contra Arianos*, 46) والتي تعني: “الله لا يجرب، بل يختبر.” (Athanasius, *Apology Against the Arians*, 46). بالعربية: “الله لا يُجَرِّب بل يُمَحِّص.”
القديس كيرلس الكبير (باليونانية: Άγιος Κύριλλος Αλεξανδρείας) يشدد على أن الله يستخدم المعاناة لتطهيرنا من خطايانا:
“Διὰ γὰρ τῆς θλίψεως ἡμῶν ἡ ὑπομονὴ κατεργάζεται, ἡ δὲ ὑπομονὴ τὴν δοκιμήν, ἡ δὲ δοκιμὴ τὴν ἐλπίδα.” (Cyril of Alexandria, *Commentary on Romans*, 5:3-5). ترجمتها: “لأن الضيق ينشئ صبرًا، والصبر تزكية، والتزكية رجاء.” (Cyril of Alexandria, *Commentary on Romans*, 5:3-5).
هذه الأقوال تعطينا الرجاء في وجه المعاناة. المعاناة ليست نهاية المطاف، بل هي فرصة للنمو الروحي والاقتراب من الله.
الأطفال والضحايا الأبرياء: هل هذا عدل؟
أكثر الأسئلة إيلامًا هو: لماذا يموت الأطفال الأبرياء؟ هذا السؤال يمس أعماق إنسانيتنا ويثير تساؤلات حول عدالة الله. من منظور أرثوذكسي، يجب أن نتذكر أن الله أزلي وأبدي، وأن منظورنا البشري محدود.
- وعد القيامة: نحن نؤمن بالقيامة والحياة الأبدية. موت الأطفال ليس النهاية، بل هو بداية حياة جديدة مع الله.
- الشركة مع المسيح في الألم: المسيح تألم ومات من أجلنا. من خلال المعاناة، نشارك المسيح في آلامه وننال بركاته.
- الأبعاد الروحية: قد تكون هناك أبعاد روحية للمعاناة لا نستطيع فهمها بمنطقنا البشري.
- الرحمة الإلهية: الله رحيم وعادل، وسيعوض الأطفال والضحايا الأبرياء عن كل ما عانوه في هذه الحياة.
- الخلاص الشامل: نسعى من خلال الصلاة والعمل على تخفيف المعاناة في العالم، على أمل أن يمتد الخلاص ليشمل الجميع.
الحياة الروحية في زمن الشدة: كيف نجد السلام؟
في زمن الشدة، يصبح الإيمان أكثر أهمية من أي وقت مضى. كيف يمكننا أن نجد السلام في وجه المعاناة؟
- الصلاة والتأمل في الكتاب المقدس: الصلاة هي وسيلة للتواصل مع الله وطلب معونته. الكتاب المقدس هو مصدر عزاء وإلهام.
- التوبة والرجوع إلى الله: الشدة هي فرصة للتوبة والرجوع إلى الله بقلب منكسر.
- خدمة الآخرين: مساعدة المحتاجين هي وسيلة للتعبير عن محبتنا لله وللآخرين.
- الثقة في الله: حتى في أحلك الظروف، يجب أن نثق في أن الله معنا وسيهدينا.
FAQ ❓
س: كيف يمكن أن يكون الله محبًا ويسمح بالمعاناة؟
ج: محبة الله لا تعني تجنب المعاناة بأي ثمن. الله يسمح بالمعاناة لكي ننمو روحيًا ونتعلم الاعتماد عليه.
س: ماذا عن الأطفال الذين يموتون؟ هل هذا عدل؟
ج: موت الأطفال هو أمر مؤلم ومفجع، ولكننا نؤمن بالقيامة والحياة الأبدية. الله رحيم وعادل وسيعوضهم عن كل ما عانوه.
س: كيف يمكنني أن أثق في الله في وقت الشدة؟
ج: الثقة في الله تتطلب إيمانًا وصلاة. ابحث عن العزاء في الكتاب المقدس وأقوال الآباء، واطلب معونة الله.
س: ما هو دورنا كمسيحيين في وجه المعاناة؟
ج: دورنا هو الصلاة والتوبة وخدمة الآخرين. يجب أن نسعى لتخفيف المعاناة في العالم ونشر المحبة والسلام.
الخلاصة
السؤال كيف يسمح الله بقتل الأطفال وتجويع النساء في الحصار؟ لا يزال يتردد صداه عبر الزمان. الإجابة لا تكمن في تفسير سطحي، بل في فهم عميق لطبيعة الله، وحرية الإرادة، والأبعاد الروحية للمعاناة. من خلال الإيمان الأرثوذكسي، نجد الرجاء في وسط الألم، ونتعلم أن الله يستخدم الشدائد لخيرنا الروحي. دعونا نصلي من أجل السلام في العالم، ونعمل على تخفيف المعاناة، ونثق في أن الله معنا في كل حين.
Tags
إرميا, المعاناة, الحصار, الأطفال, النساء, العهد القديم, العقاب الإلهي, عدالة الله, الرجاء, الإيمان الأرثوذكسي
Meta Description
بحث أرثوذكسي قبطي في سؤال مؤلم: كيف يسمح الله بقتل الأطفال وتجويع النساء في الحصار كما ورد في إرميا؟ استكشاف المعنى الروحي للمعاناة و عدالة الله.