هل الله يدعو إلى إبادة الشعوب كما فعل في الطوفان؟ نظرة أرثوذكسية قبطية

Executive Summary ✨

إن سؤال “هل الله يدعو إلى إبادة الشعوب كما فعل في الطوفان؟” يثير تساؤلات عميقة حول طبيعة الله وعدله ورحمته. في هذا المقال، سنستكشف هذا الموضوع من منظور أرثوذكسي قبطي، مستندين إلى الكتاب المقدس (بما في ذلك الأسفار القانونية الثانية)، وآباء الكنيسة، والتقليد الكنسي. سنناقش الطوفان ليس كفعل إبادة عشوائي، بل كدينونة إلهية على شر عظيم، بهدف تطهير الأرض والحفاظ على بقية صالحة. سنوضح أن الله لا يدعو إلى الإبادة بشكل عام، بل يدعو إلى التوبة والرجوع إليه، وأن الدينونة هي آخر حل يلجأ إليه بعد طول أناة. كما سنتناول كيفية فهم هذه الأحداث في ضوء محبة الله اللامتناهية، وكيف يمكننا تطبيق هذه الدروس على حياتنا اليومية، لنعيش حياة مقدسة ترضي الله.

إن فهم هذه القضية يتطلب تدقيقًا لاهوتيًا وتاريخيًا، مع التركيز على سياق الأحداث الكتابية وفهم آباء الكنيسة. يجب أن ننظر إلى هذه المسائل بعيون الإيمان والرجاء، متذكرين أن الله هو محبة، وأن كل أعماله نابعة من هذه المحبة.

مقدمة 📖

يثير الطوفان أسئلة صعبة حول عدل الله ورحمته. هل الله يدعو إلى إبادة الشعوب كما فعل في الطوفان؟ هذا السؤال يقلق الكثيرين. في هذا المقال، سنستكشف هذا الموضوع من منظور أرثوذكسي قبطي، معتمدين على الكتاب المقدس والتقليد الكنسي. سنحاول فهم الطوفان كدينونة إلهية، وليس كفعل إبادة عشوائي، وسنناقش كيف نفهم هذه الأحداث في ضوء محبة الله.

الطوفان: دينونة أم إبادة؟ 🌊

لا يمكننا النظر إلى الطوفان كعمل إبادة عشوائي، بل كدينونة إلهية ضرورية على شر عظيم. يصف الكتاب المقدس الفساد الذي عم الأرض قبل الطوفان:

تكوين 6: 5-6 (Smith & Van Dyke): “وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرَاتِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هِيَ شِرِّيرَةٌ كُلَّ يَوْمٍ. فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ.”

يوضح هذا النص أن الشر قد تفشى بشكل كامل، وأن قلب الإنسان أصبح ممتلئًا بالشر. في هذه الحالة، كان الطوفان هو الحل الأخير لتطهير الأرض والحفاظ على بقية صالحة، من خلال نوح وعائلته.

• الفساد الشامل: الشر لم يكن مجرد أخطاء فردية، بل فسادًا شاملًا طال كل جوانب الحياة.
• الحزن الإلهي: حزن الله يظهر أن الدينونة ليست انتقامًا، بل أسف على حالة الإنسان.
• الحفاظ على بقية صالحة: كان هدف الطوفان الحفاظ على إمكانية تجديد الخليقة.

يقول القديس أثناسيوس الرسولي عن رحمة الله في الدينونة (Contra Gentes, 3): “οὐ γὰρ θέλει ὁ θεὸς τὸν θάνατον τοῦ ἁμαρτωλοῦ, ἀλλὰ τὸ ἐπιστρέψαι αὐτὸν καὶ ζῆσαι.”

Translation: “For God does not desire the death of the sinner, but that he should turn and live.”

الترجمة: “لأن الله لا يريد موت الخاطئ، بل أن يرجع ويحيا.”

هل الله يدعو إلى الإبادة في العهد القديم؟ 📜

قد تبدو بعض الأحداث في العهد القديم، مثل الأمر بإبادة بعض الشعوب الكنعانية، كدعوة إلى الإبادة. ولكن يجب فهم هذه الأوامر في سياقها التاريخي واللاهوتي. كانت هذه الشعوب تمارس عبادات وثنية شريرة، بما في ذلك التضحية بالأطفال، مما يهدد نقاوة شعب الله المختار.

تثنية 20: 16-18 (Smith & Van Dyke): “أَمَّا مُدُنُ هؤُلاَءِ الشُّعُوبِ الَّتِي يَعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا فَلاَ تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا، بَلْ تُحَرِّمُهَا تَحْرِيمًا: الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ، كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لِكَيْ لاَ يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ الَّتِي عَمِلُوا لآلِهَتِهِمْ، فَتُخْطِئُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ.”

كان الهدف من هذه الأوامر ليس الإبادة العشوائية، بل حماية شعب الله من التأثر بعباداتهم الشريرة. لم تكن هذه الأوامر دعوة عامة للإبادة، بل أوامر محددة لشعوب معينة في سياق تاريخي محدد. ويمكن أيضًا النظر إليها على أنها دينونة إلهية بواسطة شعب إسرائيل.

• سياق تاريخي محدد: هذه الأوامر كانت لشعوب معينة في وقت معين.
• حماية شعب الله: الهدف هو حماية شعب الله من التأثر بالعبادات الوثنية الشريرة.
• الدينونة الإلهية: يمكن اعتبار هذه الأوامر كدينونة إلهية بواسطة شعب إسرائيل.

يقول القديس كيرلس الإسكندري (Commentary on Isaiah, 45:7): “οὐ γὰρ κακίας δημιουργὸς ὁ θεός, ἀλλὰ τῆς ἀδικίας ἐκδικητής.”

Translation: “For God is not the creator of evil, but the avenger of injustice.”

الترجمة: “لأن الله ليس خالق الشر، بل المنتقم للظلم.”

محبة الله والدينونة ✨

كيف يمكننا التوفيق بين محبة الله اللامتناهية وبين الدينونة؟ يجب أن نفهم أن الدينونة هي وجه آخر لمحبة الله. إن الله يحب خليقته، ويريد لها الخير. ولكن عندما يختار الإنسان الشر، فإن الدينونة تصبح ضرورية لحماية الخير والعدل.

يوحنا 3: 16 (Smith & Van Dyke): “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.”

تظهر هذه الآية محبة الله اللامتناهية للعالم، ورغبته في خلاص الجميع. ولكن يجب أن نختار الإيمان به، وأن نرجع عن طريق الشر. الدينونة ليست هدف الله، بل هي نتيجة حتمية لاختيار الإنسان للشر.

• الدينونة كوجه آخر للمحبة: الدينونة تحمي الخير والعدل.
• الخلاص بالإيمان: الله يريد خلاص الجميع، ولكن يجب أن نختار الإيمان به.
• نتيجة اختيار الشر: الدينونة هي نتيجة حتمية لاختيار الإنسان للشر.

التطبيق العملي في حياتنا اليومية 💡

كيف يمكننا تطبيق هذه الدروس في حياتنا اليومية؟ يجب أن نعيش حياة مقدسة ترضي الله، وأن نتجنب الشر بكل أنواعه. يجب أن نتذكر أن الله محبة، ولكنه أيضًا عادل. يجب أن نخاف من الله، لا بمعنى الخوف المرعب، بل بمعنى الاحترام والتبجيل.

• عيش حياة مقدسة: تجنب الشر بكل أنواعه.
• تذكر محبة الله وعدله: الله محبة، ولكنه أيضًا عادل.
• الخوف من الله: الاحترام والتبجيل لله.
• السعي للتوبة: الرجوع إلى الله في كل حين.

FAQ ❓

س: هل الطوفان يتناقض مع محبة الله؟

ج: لا، الطوفان هو تعبير عن عدل الله في مواجهة شر عظيم، وهو ضروري لحماية الخير. يجب أن نفهم الدينونة كوجه آخر لمحبة الله.

س: هل الله يدعو إلى الإبادة في العهد الجديد؟

ج: لا، العهد الجديد يركز على محبة الله والخلاص بالإيمان بيسوع المسيح. الدعوة هي إلى التوبة والمحبة والسلام.

س: كيف نفهم النصوص الصعبة في العهد القديم؟

ج: يجب فهم هذه النصوص في سياقها التاريخي واللاهوتي، مع الأخذ في الاعتبار أن الله هو محبة وعدل. يمكن اعتبار بعض الأوامر كدينونة إلهية في ظروف خاصة.

س: ما هي أهمية التوبة في حياتنا؟

ج: التوبة هي الرجوع إلى الله والابتعاد عن الشر. هي مفتاح الخلاص والحياة الأبدية. يجب أن نسعى للتوبة في كل حين، وأن نطلب غفران الله.

الخلاصة 🕊️

إن سؤال “هل الله يدعو إلى إبادة الشعوب كما فعل في الطوفان؟” يتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة الله وعدله ورحمته. الطوفان كان دينونة إلهية على شر عظيم، وليس فعل إبادة عشوائي. يجب أن نتذكر أن الله لا يدعو إلى الإبادة بشكل عام، بل يدعو إلى التوبة والرجوع إليه. يجب أن نعيش حياة مقدسة ترضي الله، وأن نتجنب الشر بكل أنواعه، وأن نسعى للتوبة في كل حين. الدينونة هي آخر حل يلجأ إليه الله بعد طول أناة، ومحبته هي الدافع وراء كل أفعاله. لنسعى لفهم محبة الله وعدله، ولنعيش حياة ترضيه في كل حين.

Tags

الطوفان, إبادة, دينونة, عدل الله, محبة الله, لاهوت قبطي, آباء الكنيسة, العهد القديم, العهد الجديد, التوبة

Meta Description

استكشاف لاهوتي أرثوذكسي قبطي لسؤال: هل الله يدعو إلى إبادة الشعوب كما فعل في الطوفان؟ فهم الدينونة، المحبة، والعدل الإلهي في الكتاب المقدس والتقليد الكنسي.