هل استخدم كاتب التكوين مصادر وثنية؟ الرد على نظرية الوثائق JEDP

ملخص تنفيذي

يتناول هذا البحث العميق سؤالاً هاماً: هل استقى كاتب سفر التكوين، موسى النبي بروح الله، معلوماته من مصادر وثنية سابقة؟ هل استخدم كاتب التكوين مصادر وثنية؟ الرد على نظرية الوثائق JEDP هو محور نقاشنا، حيث نفند نظرية الوثائق JEDP التي تزعم أن سفر التكوين مُجمّع من مصادر مختلفة، بما في ذلك مصادر وثنية. نعتمد على الكتاب المقدس بعهديه، والأسفار القانونية الثانية، وتعليم الآباء القديسين في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بالإضافة إلى السياق التاريخي والجغرافي، لتقديم رد متكامل ومفصل. نؤكد أن سفر التكوين هو وحي إلهي كامل، مُلهم من الروح القدس، وليس تجميعاً من حكايات وأساطير وثنية. نهدف إلى تعزيز الإيمان الأرثوذكسي وفهمنا العميق لكلمة الله.

مقدمة

سفر التكوين، هو بداية الخليقة وقصة علاقة الله بالإنسان. ولكن، تثار أحياناً أسئلة حول مصادر هذا السفر العظيم، وهل تأثر بميثولوجيا الحضارات القديمة؟ هذا البحث يهدف إلى تقديم رؤية أرثوذكسية واضحة ومستندة إلى الحق الكتابي.

نظرية الوثائق JEDP: نظرة نقدية

نظرية الوثائق JEDP هي نظرية ظهرت في القرن التاسع عشر، وتقترح أن سفر التكوين (وكذلك أسفار موسى الخمسة) ليس من تأليف شخص واحد (موسى النبي)، بل هو تجميع لعدة مصادر مختلفة، تم تحريرها ودمجها معًا على مر الزمن. هذه المصادر مفترضة، ويُرمز إليها بالأحرف J (يهوي)، E (إيلوهيم)، D (تثنوي)، و P (كهنوتي). تزعم النظرية أن هذه المصادر تعكس وجهات نظر لاهوتية مختلفة، وأنها ربما تأثرت بأفكار وممارسات دينية وثنية.

  • الرد الأرثوذكسي: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تؤمن بأن موسى النبي هو كاتب أسفار موسى الخمسة بوحي الروح القدس. هذه الأسفار هي كلمة الله الموحى بها، وليست تجميعاً لوثائق مختلفة.
  • الوحدة الموضوعية: على الرغم من وجود تنوع في الأسلوب والمواضيع في سفر التكوين، إلا أن هناك وحدة موضوعية قوية تربط أجزاء السفر ببعضها البعض، مما يدل على وجود مؤلف واحد.
  • السياق التاريخي: يجب فهم سفر التكوين في سياقه التاريخي الخاص، باعتباره جزءاً من الوحي الإلهي التدريجي الذي أعلنه الله لشعبه.
  • أقوال الآباء: آباء الكنيسة الأوائل أجمعوا على أن موسى هو كاتب أسفار موسى الخمسة.

✨الكشف الإلهي أم الاقتباس الوثني؟

السؤال الأساسي هنا هو: هل ما ورد في سفر التكوين هو كشف إلهي مباشر، أم أنه اقتباس أو تعديل لأساطير وثنية سابقة؟

التكوين 1:1 (Smith & Van Dyke): “في البدء خلق الله السموات والأرض.”

“בראשית ברא אלהים את השמים ואת הארץ” (בראשית 1:1) – “Bereshit bara Elohim et hashamayim ve’et ha’aretz.”

“Ἐν ἀρχῇ ἐποίησεν ὁ Θεὸς τὸν οὐρανὸν καὶ τὴν γῆν.” (Genesis 1:1 LXX) – “En archē epoiēsen ho Theos ton ouranon kai tēn gēn.”

هذه الآية، وغيرها الكثير، تؤكد على أن الله هو الخالق الوحيد، وأنه خلق كل شيء من العدم. هذا يختلف تماماً عن الأساطير الوثنية التي تصور الآلهة ككائنات مخلوقة أو كجزء من عملية الخلق نفسها.

الآباء القديسين:

القديس أثناسيوس الرسولي: “Θεὸς δὲ πάντων ἐστὶ δημιουργὸς καὶ οὐκ ἔστι μέρος τῆς κτίσεως, ἀλλ’ ὑπεράνω καὶ ὑπὲρ πᾶσαν οὐσίαν.” (Athanasius, Contra Gentes, 2) – “God is the creator of all things, and He is not a part of creation, but is above and beyond all being.”

القديس أثناسيوس الرسولي: “الله خالق كل شيء وليس جزءًا من الخليقة، بل هو فوق كل كائن وفوق كل وجود.” (أثناسيوس، ضد الوثنيين، 2)

  • الخلق من العدم: مفهوم الخلق من العدم (Creatio ex nihilo) هو مفهوم فريد للإيمان المسيحي، ولا يوجد له نظير في الأساطير الوثنية.
  • الله المتعالي: سفر التكوين يقدم صورة لله المتعالي والمنفصل عن خليقته، بينما تصور الأساطير الوثنية الآلهة كجزء من الطبيعة.
  • الإنسان كصورة الله: مفهوم الإنسان المخلوق على صورة الله هو مفهوم فريد آخر يميز سفر التكوين عن الأساطير الوثنية.

التشابه والاختلاف: مقارنة موضوعية

من الصحيح أن هناك بعض التشابهات السطحية بين بعض القصص في سفر التكوين وبعض الأساطير الوثنية. على سبيل المثال، هناك قصص عن الطوفان في العديد من الثقافات القديمة. ومع ذلك، يجب أن ننظر إلى هذه التشابهات في سياق الاختلافات الجوهرية.

أمثلة على الاختلافات:

  • سبب الطوفان: في سفر التكوين، الطوفان هو عقاب من الله على شر الإنسان. في الأساطير الوثنية، غالبًا ما يكون الطوفان نتيجة لصراع بين الآلهة.
  • شخصية البطل: في سفر التكوين، نوح هو رجل بار وصالح اختاره الله. في الأساطير الوثنية، غالبًا ما يكون البطل شخصية أسطورية ذات قوى خارقة.
  • الهدف من القصة: في سفر التكوين، قصة الطوفان تهدف إلى إظهار عدل الله ورحمته. في الأساطير الوثنية، غالبًا ما تكون القصة مجرد حكاية عن مغامرات الآلهة والأبطال.

إن وجود تشابهات سطحية لا يعني بالضرورة أن سفر التكوين قد اقتبس من الأساطير الوثنية. من الممكن أن تكون هذه التشابهات ناتجة عن وجود ذاكرة جمعية مشتركة بين البشر حول أحداث تاريخية حقيقية، تم تحريفها وتشويهها بمرور الوقت.

📖الروح القدس والهداية الإلهية

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تؤمن بأن الكتاب المقدس بعهديه، بما في ذلك سفر التكوين، هو كلمة الله الموحى بها. هذا يعني أن الكتاب المقدس قد كتب بإرشاد الروح القدس، وأن الروح القدس قد هدى الكتاب لكتابة الحقائق الإلهية دون خطأ.

2 Timothy 3:16 (Smith & Van Dyke): “كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر.”

“πᾶσα γραφὴ θεόπνευστος καὶ ὠφέλιμος πρὸς διδασκαλίαν, πρὸς ἐλεγμόν, πρὸς ἐπανόρθωσιν, πρὸς παιδείαν τὴν ἐν δικαιοσύνῃ” (2 Timothy 3:16) – “Pasa graphē theopneustos kai ōphelimos pros didaskalian, pros elegmon, pros epanorthōsin, pros paideian tēn en dikaiosynē.”

“جميع الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر” (2 تيموثاوس 3: 16).

الإيمان بالوحي الإلهي للكتاب المقدس هو أساس إيماننا المسيحي. إذا شككنا في وحي الكتاب المقدس، فإننا بذلك نشكك في سلطة الله وقدرته على التواصل معنا.

❓FAQ

  • ❓ هل يمكن أن يكون هناك بعض التأثيرات الثقافية على كتابات موسى النبي؟

    بالتأكيد، موسى عاش في مصر وتعرض لثقافتها. ومع ذلك، هذا لا يعني أنه اقتبس من الأساطير الوثنية. بل، يمكن أن يكون الله قد استخدم معرفة موسى بالثقافة المصرية لتوصيل الحقائق الإلهية بطريقة يفهمها الناس.

  • ❓ ما هو موقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من نظرية الوثائق؟

    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ترفض نظرية الوثائق JEDP، وتؤمن بأن موسى النبي هو كاتب أسفار موسى الخمسة بوحي الروح القدس.

  • ❓ كيف يمكنني الدفاع عن إيماني بسفر التكوين في مواجهة هذه الانتقادات؟

    عن طريق دراسة الكتاب المقدس بعمق، والتعرف على تعليم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والصلاة من أجل الهداية والفهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك قراءة كتب ومقالات لللاهوتيين الأرثوذكس الذين يردون على هذه الانتقادات.

الخلاصة

هل استخدم كاتب التكوين مصادر وثنية؟ الرد على نظرية الوثائق JEDP يوصلنا إلى قناعة راسخة بأن سفر التكوين هو وحي إلهي، ليس تجميعاً من الأساطير الوثنية. التشابهات السطحية لا تنفي الاختلافات الجوهرية والرسالة الفريدة التي يقدمها سفر التكوين. الإيمان بالوحي الإلهي للكتاب المقدس هو أساس إيماننا المسيحي. دعونا نتمسك بإيماننا الأرثوذكسي ونسعى لفهم أعمق لكلمة الله، لأنها نور لحياتنا وهداية لطريقنا نحو الخلاص. فلنقرأ سفر التكوين بتدبر وصلاة، لنكتشف عظمة الله ومحبته لنا، ولنتعلم كيف نعيش حياة ترضيه.

Tags

سفر التكوين, نظرية الوثائق, JEDP, الوحي الإلهي, الكنيسة القبطية الأرثوذكسية, موسى النبي, الخلق, الأساطير الوثنية, الروح القدس, الكتاب المقدس

Meta Description

هل استخدم كاتب التكوين مصادر وثنية؟ رد أرثوذكسي مفصل على نظرية الوثائق JEDP، مستنداً إلى الكتاب المقدس وتعليم الآباء، يوضح أن سفر التكوين وحي إلهي وليس تجميعاً لأساطير.

من

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *