هل فكرة أن الله “أعطى إسرائيل الحكمة” تتناقض مع إعلان الحكمة للأمم؟ رؤية أرثوذكسية
ملخص تنفيذي ✨
يثير البعض تساؤلات حول ما إذا كانت فكرة أن الله “أعطى إسرائيل الحكمة” (باروخ 3: 36–38) تتعارض مع إعلان الحكمة للأمم في العهد الجديد. هذه الدراسة المتعمقة، من منظور أرثوذكسي قبطي، تهدف إلى تفكيك هذا التصور الخاطئ. نبين أن الحكمة، سواء المعطاة لإسرائيل أو المعلنة للأمم، هي حكمة إلهية واحدة ومتكاملة، تتجلى في شخص المسيح. من خلال استكشاف نصوص الكتاب المقدس، بما في ذلك الأسفار القانونية الثانية، وأقوال الآباء، نسلط الضوء على أن الحكمة في العهد القديم كانت إعدادًا ورمزًا للحكمة الكاملة التي تجسدت في المسيح، المتاح الآن لجميع الأمم. بالتالي، فإن إعلان الحكمة للأمم ليس تناقضًا، بل هو تحقيق لوعد الله الشامل وخلاصه للجميع، مؤكدين أن **الحكمة الإلهية** هي جوهر الخلاص لليهود والأمم على حد سواء.
مقدمة:
تعتبر الحكمة الإلهية جوهر الإيمان المسيحي، ومصدرًا للنور والفهم الروحي. ولكن هل ما قيل عن حكمة إسرائيل يتعارض مع ما نراه من انتشار هذه الحكمة إلى الأمم في العهد الجديد؟ دعونا نتعمق في هذا السؤال من منظور أرثوذكسي، مستنيرين بنصوص الكتاب المقدس وتعليم الآباء.
الحكمة في العهد القديم: عطية خاصة لإسرائيل؟ 📖
إن فكرة أن الله أعطى إسرائيل الحكمة تظهر بوضوح في سفر باروخ (3: 36–38): “هذا هو إلهنا ولا يُعادل به آخر. هو وجد طريق العلم كله وأعطاه ليعقوب عبده وإسرائيل حبيبه. وبعد ذلك ظهر على الأرض وتراءى للناس.” (Baruch 3:36-38 Smith & Van Dyke). يوضح هذا النص أن الحكمة كانت عطية إلهية لإسرائيل، ولكن يجب فهم هذا السياق التاريخي والجغرافي.
- إسرائيل كأمة مختارة: الله اختار إسرائيل لحفظ كلمته وعهده، وكانت الحكمة جزءًا أساسيًا من هذه المسؤولية.
- الحكمة كشريعة: في العهد القديم، غالبًا ما كانت الحكمة مرتبطة بالشريعة وممارسة الوصايا.
- الحكمة كإعداد للمسيح: كانت الحكمة المعطاة لإسرائيل إعدادًا لمجيء المسيح، الحكمة المتجسدة.
الحكمة في العهد الجديد: إعلان شامل للأمم؟ ✨
في العهد الجديد، نرى أن الحكمة الإلهية لم تعد مقتصرة على إسرائيل، بل أصبحت متاحة لجميع الأمم من خلال الإيمان بالمسيح يسوع. “لأَنَّ ٱلْيَهُودَ يَطْلُبُونَ آيَةً، وَٱلْيُونَانِيِّينَ يَطْلُبُونَ حِكْمَةً! وَأَمَّا نَحْنُ فَنَكْرِزُ بِٱلْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! وَأَمَّا لِلْمَدْعُوِّينَ: يَهُودًا وَيُونَانِيِّينَ، فَبِٱلْمَسِيحِ قُوَّةَ ٱللهِ وَحِكْمَةَ ٱللهِ.” (1 كورنثوس 1: 22-24 Smith & Van Dyke). هنا نرى أن المسيح هو حكمة الله المعلنة.
- المسيح هو الحكمة: يجسد المسيح الحكمة الإلهية الكاملة، وهو متاح لكل من يؤمن به.
- الإنجيل هو إعلان الحكمة: من خلال الإنجيل، تنتشر الحكمة الإلهية إلى جميع الأمم.
- الوحدة في المسيح: في المسيح، لا يوجد يهودي ولا يوناني، بل جميع المؤمنين هم واحد.
هل يوجد تعارض بينهما؟ 🕊️
لا يوجد أي تعارض حقيقي بين فكرة أن الله أعطى إسرائيل الحكمة وإعلان الحكمة للأمم. الحكمة المعطاة لإسرائيل كانت بذرة الحكمة التي نمت وأثمرت في المسيح، الذي هو الحكمة الكاملة والمعلنة لجميع الأمم. الفكرة الأساسية هي أن **الحكمة الإلهية** لا تتعارض بل تتكامل وتتكامل.
يقول القديس كيرلس الكبير (Cyril of Alexandria) في تفسيره لإنجيل يوحنا:
Ἐπεὶ οὖν ὁ Λόγος σοφία ἐστί, καὶ ἡ σοφία ἀπὸ τοῦ Πατρὸς, οὐκ ἂν εἴη τις ὁ λέγων, ὅτι ἡ σοφία μείζων ἐστὶ τοῦ Πατρός· ἀλλ’ ἡ σοφία παρὰ τοῦ Πατρός ἐστιν, ὥσπερ καὶ ὁ Υἱός.
English Translation: “Since the Word is wisdom, and wisdom is from the Father, no one could say that wisdom is greater than the Father; but wisdom is from the Father, just as the Son is.”
Arabic Translation: “بما أن الكلمة هي حكمة، والحكمة من الآب، فلا يمكن لأحد أن يقول أن الحكمة أعظم من الآب؛ بل الحكمة هي من الآب، تمامًا كما الابن.” (Cyril of Alexandria, Commentary on John, Book 1, Chapter 1)
هذا القول يؤكد أن الحكمة، أي المسيح، هي من الآب وليست منفصلة عنه، وهي جوهر الوحي الإلهي لليهود والأمم.
الحكمة في حياة المؤمن اليوم 💡
كيف يمكننا تطبيق هذه الحقائق اللاهوتية في حياتنا اليومية؟
- السعي إلى معرفة المسيح: يجب أن نسعى جاهدين لمعرفة المسيح، الحكمة المتجسدة، من خلال دراسة الكتاب المقدس والصلاة.
- العيش بحسب وصايا الله: يجب أن نعيش بحسب وصايا الله، التي هي تعبير عن حكمته ومحبته لنا.
- المشاركة في نشر الإنجيل: يجب أن نشارك في نشر الإنجيل، إعلان الحكمة الإلهية، إلى جميع الأمم.
- محبة الآخرين: المحبة هي جوهر الحكمة الإلهية، ويجب أن نحب بعضنا بعضًا كما أحبنا المسيح.
FAQ ❓
س: هل يعني إعطاء الحكمة لإسرائيل أن الله كان متحيزًا؟
ج: كلا، لم يكن الله متحيزًا. إعطاء الحكمة لإسرائيل كان جزءًا من خطة الله لخلاص العالم بأسره. كانت إسرائيل وسيلة لنشر معرفة الله إلى الأمم، والمسيح جاء من نسل إسرائيل لإتمام هذا الخلاص.
س: كيف يمكنني الحصول على الحكمة الإلهية؟
ج: يمكنك الحصول على الحكمة الإلهية من خلال الإيمان بالمسيح، ودراسة الكتاب المقدس، والصلاة، والعيش بحسب وصايا الله. الروح القدس هو الذي يمنحنا الحكمة والفهم.
س: ما هو دور الكنيسة في نشر الحكمة؟
ج: الكنيسة هي أداة الله لنشر الحكمة الإلهية إلى العالم. من خلال الكرازة والتعليم والخدمة، تشارك الكنيسة في إعلان الإنجيل، الذي هو قوة الله للخلاص لكل من يؤمن.
الخلاصة
في النهاية، نرى أن فكرة أن الله “أعطى إسرائيل الحكمة” (باروخ 3: 36–38) لا تتعارض إطلاقًا مع إعلان الحكمة للأمم في العهد الجديد. بل إن الحكمة المعطاة لإسرائيل كانت إعدادًا وتأسيساً للحكمة الكاملة التي تجسدت في المسيح، والتي أصبحت متاحة الآن لجميع الأمم. هذا يوضح لنا أن خطة الله للخلاص شاملة وعالمية، وأن **الحكمة الإلهية** هي جوهر هذا الخلاص. فلنسعَ جميعًا إلى هذه الحكمة، ونشارك في نشرها، لنكون نورًا للعالم وملحًا للأرض، مؤكدين أن المسيح هو حكمة الله وقوته.
Tags
الحكمة, إسرائيل, الأمم, العهد الجديد, العهد القديم, المسيح, باروخ, الكتاب المقدس, اللاهوت, الأرثوذكسية
Meta Description
هل تتعارض حكمة إسرائيل مع إعلان الحكمة للأمم؟ تحليل أرثوذكسي قبطي يكشف عن تكامل **الحكمة الإلهية** في خطة الله الشاملة للخلاص.