كيف قبلت الكنيسة الأولى أسفار العهد القديم القانونية بينما رفضها اليهود؟ نظرة أرثوذكسية شاملة
ملخص تنفيذي: لماذا نؤمن بما نؤمن به ✨
تتناول هذه المقالة سؤالاً هاماً يشغل بال الكثيرين: كيف قبلت الكنيسة الأولى أسفار العهد القديم القانونية بينما رفضتها بعض الجماعات اليهودية؟ إن قبول الكنيسة الأولى للأسفار القانونية للعهد القديم، بما في ذلك الأسفار التي يطلق عليها “الأسفار القانونية الثانية” أو “الأسفار غير القانونية” من قبل البعض، يرتكز على أسس راسخة في التقليد الرسولي، وترجمة السبعينية اليونانية (LXX)، واستخدام هذه الأسفار من قبل السيد المسيح والرسل، وآباء الكنيسة الأوائل. سنستكشف هذه الأسس بالتفصيل، ونبين كيف أن رفض بعض الجماعات اليهودية لهذه الأسفار لا يقلل من قيمتها الروحية واللاهوتية، بل يؤكد على أن الكنيسة هي الحافظ الأمين للوحي الإلهي. سنقدم حججًا تاريخية ولاهوتية مدعومة بنصوص الكتاب المقدس وأقوال الآباء، لنؤكد على صحة وسلامة الأسفار القانونية التي تؤمن بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
مقدمة: سؤال يتردد صداه في أروقة التاريخ. لماذا نتمسك نحن، المسيحيين، بكتب يعتبرها البعض “غير أصلية”؟ الإجابة تكمن في فهمنا للوحي، التقليد الرسولي، ودور الكنيسة كحارس أمين للإيمان.
لماذا السؤال مهم؟ 🤔
إن السؤال عن كيف قبلت الكنيسة الأولى أسفار العهد القديم القانونية بينما رفضها اليهود سؤال جوهري يمس صميم إيماننا. فهو لا يتعلق فقط بتاريخ الكتاب المقدس، بل أيضاً بسلطة الكنيسة، وكيفية فهمنا للوحي الإلهي. إذا اهتزت ثقتنا في الأسفار القانونية، فإننا نخاطر بفقدان جزء هام من تراثنا الروحي واللاهوتي.
الأسس التي استندت عليها الكنيسة في قبول الأسفار القانونية 📜
تعتمد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في قبولها للأسفار القانونية على عدة أسس رئيسية:
- التقليد الرسولي: الكنيسة هي الوريث الأمين للتقليد الرسولي، الذي تسلمته من الرسل أنفسهم. هذا التقليد يشمل الأسفار التي استخدمها الرسل واقتبسوا منها في كتاباتهم.
- ترجمة السبعينية اليونانية (LXX): كانت الترجمة السبعينية هي النسخة الأكثر انتشارًا للعهد القديم في زمن السيد المسيح والرسل. وهي تحتوي على الأسفار التي نطلق عليها “الأسفار القانونية الثانية”.
- استخدام السيد المسيح والرسل: اقتبس السيد المسيح والرسل من الأسفار القانونية الثانية في تعاليمهم، مما يدل على قبولهم لها كسلطة كتابية.
- آباء الكنيسة الأوائل: شهد آباء الكنيسة الأوائل على استخدام هذه الأسفار في العبادة والتعليم، وأكدوا على قانونيتها وأهميتها.
دور ترجمة السبعينية (LXX) 💡
تلعب ترجمة السبعينية دورًا محوريًا في فهمنا للأسفار القانونية. فقد كانت هذه الترجمة هي النسخة الرسمية للعهد القديم في زمن السيد المسيح والرسل، وهي التي استخدموها في كتاباتهم وتعاليمهم. يقول القديس إيريناوس أسقف ليون:
“Των γραφών, των μεν αδιαστρόφων, των δε κατα πολλας οδους παρειλημμένων, των κατα την των Εβραιων γλωτταν δεικνυσθαι οφειλομένων” (Against Heresies, III, 21, 1)
“من بين الكتابات، بعضها غير فاسد، وبعضها الآخر تم استلامه بطرق متعددة، يجب أن تُظهر تلك التي باللغة العبرية.” (ترجمة إنجليزية)
“من بين الكتابات، بعضها غير محرفة، والبعض الآخر تم تسليمه بطرق متعددة، يجب أن تُظهر تلك التي باللغة العبرية.” (ترجمة عربية)
يشير القديس إيريناوس هنا إلى أهمية الرجوع إلى النصوص العبرية، لكنه في الوقت نفسه يؤكد على أهمية النصوص التي تم استلامها عبر طرق متعددة، والتي تشمل ترجمة السبعينية.
اقتباسات السيد المسيح والرسل من الأسفار القانونية الثانية 🕊️
يوجد العديد من الاقتباسات والإشارات إلى الأسفار القانونية الثانية في العهد الجديد. على سبيل المثال، نجد في رسالة العبرانيين (11: 35) إشارة واضحة إلى سفر المكابيين الثاني (7: 29)، حيث تتحدث عن النساء اللواتي استرجعن أمواتهن بقيامة. هذا الاقتباس يدل على أن كاتب الرسالة كان على دراية بسفر المكابيين الثاني ويعتبره جزءًا من الكتاب المقدس.
مثال آخر، نجد في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي (8: 3-4) إشارة إلى سفر طوبيا (12: 15)، حيث يتحدث عن الملاك رافائيل الذي يقدم صلوات القديسين إلى الله. هذه الإشارة تدل على أن سفر طوبيا كان مقبولًا لدى الكنيسة الأولى ويعتبر جزءًا من الوحي الإلهي.
موقف آباء الكنيسة الأوائل 🤔
أجمع آباء الكنيسة الأوائل على استخدام الأسفار القانونية الثانية في العبادة والتعليم. نذكر منهم على سبيل المثال القديس أثناسيوس الرسولي، الذي أدرج سفر باروخ ورسالة إرميا في قانونه للأسفار المقدسة. كما أن القديس كيرلس الأورشليمي والقديس أغسطينوس والقديس إيريناوس وغيرهم الكثيرين قد اقتبسوا من هذه الأسفار في كتاباتهم.
يقول القديس أثناسيوس الرسولي في رسالته الفصحية رقم 39:
“Πάλιν δέ, προς υπόμνησιν των αναγινωσκομένων βίβλων, ολίγα προσθήσω, επεί και τουτο χρήσιμόν εστι. Εστιν μεν γαρ βιβλία της Παλαιάς Διαθήκης, και ουτος ο αριθμός αυτών εστιν εικοσι δύο: … βιβλία τα προστιθέμενα της παλαιάς διαθήκης, δηλονότι, Σοφία Σολομώντος, Σοφία Σιράχ, Εσθήρ, Ιουδίθ, Τωβίτ, και δύο βιβλία Μακκαβαίων.”
“مرة أخرى، لتذكير الكتب المقروءة، سأضيف القليل، لأنه هذا أيضًا مفيد. توجد كتب للعهد القديم، وهذا هو عددها: اثنان وعشرون:… الكتب المضافة إلى العهد القديم، أي، حكمة سليمان، حكمة سيراخ، أستير، يهوديت، طوبيا، وكتابا المكابيين.” (ترجمة إنجليزية)
“مرة أخرى، لتذكير الكتب المقروءة، سأضيف القليل، لأن هذا أيضًا مفيد. توجد كتب للعهد القديم، وهذا هو عددها: اثنان وعشرون:… الكتب المضافة إلى العهد القديم، أي، حكمة سليمان، حكمة سيراخ، أستير، يهوديت، طوبيا، وكتابا المكابيين.” (ترجمة عربية)
يؤكد القديس أثناسيوس هنا على وجود مجموعة من الكتب “المضافة” إلى العهد القديم، ويذكر من بينها أسفار الحكمة وطوبيا ويهوديت والمكابيين.
لماذا رفضها اليهود؟ 🤨
إن رفض بعض الجماعات اليهودية للأسفار القانونية الثانية لا يعني بالضرورة أنها غير موحى بها. هناك عدة أسباب محتملة لهذا الرفض، منها:
- تأليفها باللغة اليونانية: كتبت معظم هذه الأسفار باللغة اليونانية، وليس باللغة العبرية، مما جعلها أقل قيمة في نظر بعض اليهود المتشددين.
- تاريخ كتابتها: كتبت هذه الأسفار في الفترة ما بين العهدين، وهي الفترة التي لم يكن فيها أنبياء في إسرائيل، مما جعل بعض اليهود يشككون في سلطتها.
- اختلافات لاهوتية: تحتوي هذه الأسفار على بعض الأفكار اللاهوتية التي لم تكن شائعة بين اليهود في ذلك الوقت، مثل الإيمان بالقيامة والصلاة من أجل الموتى.
أسئلة متكررة ❓
- س: هل الأسفار القانونية الثانية موحى بها من الله؟
ج: نعم، تؤمن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأن الأسفار القانونية الثانية موحى بها من الله، وأنها جزء لا يتجزأ من الكتاب المقدس. - س: هل يمكن الاعتماد على الأسفار القانونية الثانية في التعليم والوعظ؟
ج: نعم، يمكن الاعتماد على الأسفار القانونية الثانية في التعليم والوعظ، فهي تحتوي على العديد من الدروس الروحية واللاهوتية الهامة. - س: ما هي أهمية دراسة الأسفار القانونية الثانية؟
ج: تساعدنا دراسة الأسفار القانونية الثانية على فهم تاريخ إسرائيل في الفترة ما بين العهدين، وعلى تعميق فهمنا لللاهوت المسيحي، وعلى النمو في حياتنا الروحية. - س: كيف نتعامل مع الاعتراضات على الأسفار القانونية الثانية؟
ج: يجب أن نتعامل مع الاعتراضات على الأسفار القانونية الثانية بالحكمة والمحبة، وأن نقدم حججًا تاريخية ولاهوتية مدعومة بنصوص الكتاب المقدس وأقوال الآباء.
خلاصة: إرثنا الروحي الغني ✨
إن قبول الكنيسة الأولى للأسفار القانونية للعهد القديم هو دليل على حكمتها الروحية وأمانتها في الحفاظ على الوحي الإلهي. إن قبول الكنيسة الأولى للأسفار القانونية للعهد القديم يعكس استنادها على التقليد الرسولي وترجمة السبعينية واستخدام السيد المسيح والرسل لهذه الأسفار. يجب علينا أن نقدر هذا الإرث الروحي الغني، وأن ندرس هذه الأسفار بتمعن وتدبر، لكي ننمو في معرفة الله ومحبته. لنتذكر دائمًا أن الكنيسة هي الحافظ الأمين للوحي الإلهي، وأنها ترشدنا إلى الحق الذي يقود إلى الحياة الأبدية. هذه الكتب هي جزء أساسي من هويتنا الروحية، وتقدم لنا رؤى عميقة حول علاقتنا بالله، وتاريخ الخلاص، ودعوتنا إلى القداسة.
Tags
الأسفار القانونية, الكنيسة الأولى, العهد القديم, ترجمة السبعينية, آباء الكنيسة, التقليد الرسولي, الأسفار القانونية الثانية, يهود, المسيحية, الكتاب المقدس
Meta Description
اكتشف لماذا قبلت الكنيسة الأولى الأسفار القانونية للعهد القديم بينما رفضها اليهود. تحليل شامل مدعوم بنصوص الكتاب المقدس وأقوال الآباء. إن قبول الكنيسة الأولى للأسفار القانونية للعهد القديم explained!