تعليم القديس أثناسيوس الرسولي عن والدة الإله: نظرة لاهوتية شاملة

مقدمة موجزة

إن تعليم القديس أثناسيوس الرسولي عن والدة الإله، العذراء مريم، لهو كنز ثمين في لاهوتنا القبطي الأرثوذكسي. يستمد القديس أثناسيوس رؤيته من الكتاب المقدس، آباء الكنيسة، والتقليد الرسولي، مقدماً لنا صورة متكاملة عن مكانة مريم العذراء كوالدة الإله، وثيؤطوكوس. هذه الدراسة المعمقة تستكشف جوانب مختلفة من تعليم القديس أثناسيوس، مع التركيز على أسسها الكتابية والتقليدية، وأهميتها اللاهوتية والروحية لحياتنا اليومية. إن فهمنا العميق لتعليم القديس أثناسيوس الرسولي عن والدة الإله يقودنا إلى محبة أعمق ليسوع المسيح نفسه، وفهم أعمق لخلاصنا.

مريم العذراء في الكتاب المقدس وتقليد الكنيسة

تعتبر مريم العذراء شخصية مركزية في الكتاب المقدس والتقليد الكنسي. فالإشارات إليها تبدأ من نبوات العهد القديم وتتجسد في قصة البشارة والتجسد في العهد الجديد.

  • النبوءات في العهد القديم: سفر إشعياء يشير إلى ولادة المسيح من عذراء: “وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ” (إشعياء 7: 14) (Smith & Van Dyke). هذا النص يوضح أن التجسد سيحدث بمعجزة إلهية من خلال عذراء.
  • البشارة والتجسد: قصة البشارة في إنجيل لوقا (لوقا 1: 26-38) تظهر طاعة مريم لإرادة الله وقبولها بأن تكون والدة الإله. ملاك الرب يخاطبها قائلاً: “اَلسَّلاَمُ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ!” (لوقا 1: 28) (Smith & Van Dyke). هذا اللقب “المنعم عليها” يشير إلى نعمة خاصة منحت لمريم لتستطيع أن تحتمل سر التجسد الإلهي.
  • زيارة مريم لأليصابات: زيارة مريم لأليصابات وتهليل أليصابات لمريم (لوقا 1: 39-56) يكشف عن مكانة مريم الرفيعة في خطة الله للخلاص. أليصابات تصرخ قائلة: “مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟” (لوقا 1: 42-43) (Smith & Van Dyke). هذا الاعتراف يوضح أن مريم هي أم الرب، والدة الإله.

القديس أثناسيوس والتأكيد على لقب “ثيؤطوكوس” (والدة الإله)

القديس أثناسيوس، كعمود من أعمدة الكنيسة، دافع بقوة عن لقب “ثيؤطوكوس” (Θεοτόκος) لوالدة الإله. هذا اللقب ليس مجرد تعبير تقديسي، بل هو جوهر الإيمان المسيحي، لأنه يؤكد على حقيقة أن يسوع المسيح هو الله المتجسد.

  • أهمية اللقب: إنكار لقب “ثيؤطوكوس” يعني إنكار ألوهية المسيح. فالقديس أثناسيوس يرى أن مريم ليست مجرد والدة إنسان، بل هي والدة الله المتجسد.
  • دفاع القديس أثناسيوس: في كتاباته ضد الأريوسيين، أكد القديس أثناسيوس مراراً وتكراراً على أن يسوع المسيح هو الله الكامل والإنسان الكامل، وأن مريم هي والدة هذا الإله المتجسد.
  • اقتباس من القديس أثناسيوس (باليونانية مع الترجمة): “Εἰ γὰρ μὴ Θεοτόκος ἡ Μαριάμ, οὐκ ἔστιν ἡμῶν ὁ Χριστός.” (Ei gar mē Theotokos hē Mariam, ouk estin hēmōn ho Christos.) (Contra Arianos, Oratio II, 70). ترجمة: “إذا لم تكن مريم والدة الإله، فالمسيح ليس لنا.” (If Mary is not the Theotokos, Christ is not ours.) والترجمة العربية: “إن لم تكن مريم هي والدة الإله، فالمسيح ليس هو مسيحنا.”

مكانة مريم العذراء في الخلاص

مريم العذراء لم تكن مجرد وعاء حمل المسيح، بل كانت شريكة في خطة الخلاص. طاعتها وتواضعها و”نعمها” لإرادة الله جعلها تلعب دوراً فريداً في خلاص البشرية.

  • طاعة مريم: طاعة مريم لإرادة الله في البشارة تقارن بعصيان حواء في جنة عدن. مريم، من خلال طاعتها، ساهمت في إصلاح ما أفسدته حواء.
  • التواضع والخدمة: تواضع مريم وخدمتها للآخرين (كما في زيارتها لأليصابات) يعكس قلبها النقي والمستعد لخدمة الله والناس.
  • الشفاعة: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تؤمن بشفاعة مريم العذراء لدى ابنها يسوع المسيح. كما حدث في عرس قانا الجليل، فإن مريم تتشفع فينا لدى ابنها ليمنحنا نعمه ورحمته.

مريم العذراء في الحياة الروحية المعاصرة

إن حياة مريم العذراء هي مثال لنا جميعاً في الحياة الروحية. يمكننا أن نتعلم من مريم كيف نطيع إرادة الله، وكيف نخدم الآخرين بتواضع، وكيف نعيش حياة مقدسة ترضي قلب الله.

  • الاقتداء بمريم: يجب علينا أن نسعى للاقتداء بفضائل مريم العذراء: طاعتها، تواضعها، إيمانها، ومحبتها.
  • الصلاة إلى مريم: الصلاة إلى مريم العذراء ليست عبادة لها، بل هي طلب لشفاعتها لدى ابنها يسوع المسيح.
  • تكريس حياتنا لمريم: يمكننا أن نكرس حياتنا لمريم العذراء، بأن نجعلها مثالاً لنا في كل ما نفعله ونفكر فيه.
  • زيارة خدمات تطوير المواقع dohost: يمكننا ان نطلب تصميم متوافق مع متطلبات محركات البحث و تصميم عصري من dohost لزيادة الإنتشار و الوصول إلي عملائنا.

FAQ ❓

أسئلة وأجوبة حول تعليم القديس أثناسيوس الرسولي عن والدة الإله:

  • س: لماذا نلقب مريم بـ “ثيؤطوكوس”؟

    ج: نلقب مريم بـ “ثيؤطوكوس” لأنها والدة الله المتجسد. هذا اللقب يؤكد على حقيقة أن يسوع المسيح هو الله الكامل والإنسان الكامل.

  • س: ما هو دور مريم في خلاصنا؟

    ج: مريم لعبت دوراً فريداً في خلاصنا من خلال طاعتها وتواضعها و”نعمها” لإرادة الله. كانت شريكة في خطة الخلاص من خلال قبولها بأن تكون والدة الإله.

  • س: هل يجوز الصلاة إلى مريم؟

    ج: نعم، يجوز الصلاة إلى مريم العذراء، ليس لعبادتها، بل لطلب شفاعتها لدى ابنها يسوع المسيح. نحن نكرمها كوالدة الإله ونطلب معونتها في حياتنا.

  • س: كيف يمكننا أن نقتدي بمريم العذراء في حياتنا اليومية؟

    ج: يمكننا أن نقتدي بمريم العذراء من خلال طاعتها لإرادة الله، وتواضعها في خدمة الآخرين، وإيمانها القوي، ومحبتها النقية. يمكننا أيضاً أن نخصص وقتاً للصلاة والتأمل في حياتها لنستلهم منها.

الخلاصة

إن تعليم القديس أثناسيوس الرسولي عن والدة الإله يمثل أساساً قوياً لفهمنا لمكانة مريم العذراء في اللاهوت المسيحي. فهو يؤكد على أهمية لقب “ثيؤطوكوس” ودور مريم في خطة الخلاص. إن فهمنا هذا التعليم يقودنا إلى محبة أعمق ليسوع المسيح، وفهم أعمق لخلاصنا. لنحرص على الاقتداء بفضائل مريم العذراء في حياتنا اليومية، ولنطلب شفاعتها باستمرار لكي ننال رحمة الله ونعيش حياة مقدسة ترضي قلبه. فلنجعل مريم العذراء مثالاً لنا في كل ما نفعله ونفكر فيه، لكي نكون مستحقين لنعمة الله وخلاصه.

Tags

القديس أثناسيوس, والدة الإله, ثيؤطوكوس, العذراء مريم, لاهوت قبطي, آباء الكنيسة, شفاعة العذراء, مريم في الكتاب المقدس, الخلاص, التجسد, تعليم الكنيسة

Meta Description

اكتشف تعليم القديس أثناسيوس الرسولي عن والدة الإله: نظرة لاهوتية شاملة حول مكانة مريم العذراء، دورها في الخلاص، وأهمية لقب “ثيؤطوكوس” في الإيمان المسيحي.

من

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *