كيف نفهم عبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا”؟ وهل هي دليل على تعدد الآلهة؟

ملخص تنفيذي

عبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا” (تكوين 1: 26) هي من أكثر النصوص الكتابية عمقًا وإثارة للتساؤلات. إن فهمها الصحيح ضروري لتجنب المفاهيم الخاطئة حول طبيعة الله والإنسان. هذا البحث العميق، بعنوان كيف نفهم عبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا”؟ وهل هي دليل على تعدد الآلهة؟، يسعى إلى استكشاف هذا النص من منظور لاهوتي قبطي أرثوذكسي، معتمدين على الكتاب المقدس بعهديه، آباء الكنيسة، والسياق التاريخي واللغوي للنص. نوضح أن هذه العبارة لا تشير بأي شكل من الأشكال إلى تعدد الآلهة، بل تؤكد على فرادة الله الواحد ووجوده كثالوث. نركز على أن الصورة والشبه الإلهي يشيران إلى قدرات الإنسان الروحية والعقلية والأخلاقية التي تعكس صفات الله، وليس إلى أي تشابه مادي. كما نناقش الآثار العملية لهذا الفهم على حياتنا الروحية اليومية، وكيف يمكننا أن نعيش حياة تعكس حقًا صورة الله فينا.

إن فهم هذه العبارة لا يقتصر على الدراسة اللاهوتية فحسب، بل يمتد ليشمل فهمنا لذاتنا ولغايتنا في الحياة. فلنبدأ رحلتنا لاستكشاف هذا السر العظيم!

مقدمة

تثير عبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا” (تكوين 1: 26) أسئلة عميقة حول طبيعة الإنسان وعلاقته بالله. هذه العبارة، والتي هي محور بحثنا كيف نفهم عبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا”؟ وهل هي دليل على تعدد الآلهة؟، لا تعني أننا نسخة مادية من الله، بل تشير إلى أننا مخلوقات مميزة تحمل في داخلنا القدرة على التفكير، والشعور، والمحبة، والإبداع، وهي صفات تعكس طبيعة الله. هل هذه العبارة دليل على تعدد الآلهة؟ الإجابة قطعية: لا. بل هي إعلان عن عظمة الله الواحد الذي خلقنا على صورته، أي منحنا القدرة على معرفته ومحبته.

“نخلق”: صيغة الجمع وأقنومية الله

أحد الاعتراضات التي تثار غالبًا حول هذه العبارة هو استخدام صيغة الجمع “نخلق”. ألا يشير هذا إلى وجود أكثر من إله؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب أن نفهم طبيعة الله الثالوثية.

صيغة الجمع هنا لا تعني تعدد الآلهة، بل تشير إلى أن الله الواحد موجود كثالوث: الآب والابن والروح القدس. هذه الأقانيم الثلاثة متحدة في الجوهر، ولكنها متميزة في الشخص. هذه الحقيقة تعلنها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بوضوح في عقيدتها وصلواتها.

لنستمع إلى القديس أثناسيوس الرسولي، وهو أحد أعمدة الكنيسة القبطية، والذي دافع عن عقيدة الثالوث ضد الهرطقات:

Original Greek: “οὐ γὰρ ἔστιν ἐκτὸς τοῦ Λόγου ὁ Πατὴρ, ἀλλ’ ἐν αὐτῷ, καὶ δι’ αὐτοῦ τὰ πάντα γέγονεν.” (Athanasius, Contra Arianos, III, 4, PG 26, 325A)

English Translation: “For the Father is not external to the Word, but in Him, and through Him all things were made.”

Arabic Translation: “لأن الآب ليس خارج الكلمة، بل فيه، وبه كان كل شيء.”

هذا الاقتباس يؤكد على الوحدة العضوية بين الآب والابن، وأن كل الخليقة تمت من خلال الابن، الكلمة المتجسد.

الصورة والشبه: ماذا يعنيان حقًا؟

ماذا تعني عبارة “على صورتنا كشبهنا”؟ هل تعني أننا نتشابه مع الله في الشكل؟ بالطبع لا! الله روح لا يحده مكان ولا زمان. الصورة والشبه الإلهي يشيران إلى الصفات الروحية والعقلية والأخلاقية التي منحها الله للإنسان.

  • القدرة على العقل والتفكير: الله هو العقل المطلق، وقد منحنا القدرة على التفكير والتحليل والاستنتاج.
  • القدرة على المحبة والعطاء: الله هو المحبة، وقد خلقنا لنحب بعضنا البعض ونعطي بسخاء.
  • القدرة على الإبداع والابتكار: الله هو الخالق، وقد منحنا القدرة على الإبداع والابتكار في مختلف المجالات.
  • الإرادة الحرة: أعطانا الله الإرادة الحرة لنختار بين الخير والشر، وهذا يميزنا عن باقي المخلوقات.
  • الخلود الروحي: أرواحنا خالدة، وستستمر في الوجود بعد الموت الجسدي.
  • السيادة على الخليقة: منحنا الله السيادة على الخليقة، ودعانا إلى رعايتها وحمايتها. (تكوين 1: 28)

لننظر إلى ما قاله القديس إيريناوس، وهو من آباء الكنيسة في القرن الثاني، حول هذا الموضوع:

Original Greek: “Τούτ’ ἐστιν ἄνθρωπος, τέλειος λόγος τοῦ Θεοῦ.” (Irenaeus, Adversus Haereses, IV, 20, 4, PG 7, 1032B)

English Translation: “This is man, the perfect word of God.”

Arabic Translation: “هذا هو الإنسان، كلمة الله الكاملة.”

يرى القديس إيريناوس أن الإنسان هو “كلمة الله الكاملة”، أي أننا نجسد صفات الله ونعكسها في حياتنا.

السقوط وفقدان الصورة

بسبب السقوط، تشوهت صورة الله فينا. فقدنا البراءة والنقاء اللذين كنا نتمتع بهما في البداية. ولكن الله، في محبته ورحمته، أرسل ابنه الوحيد، يسوع المسيح، ليخلصنا ويستعيد لنا الصورة الإلهية.

عن طريق المعمودية والتوبة والأسرار المقدسة، يمكننا أن نتجدد ونستعيد صورة الله فينا. هذا ليس مجرد حدث يحدث مرة واحدة، بل هو عملية مستمرة من النمو الروحي والتشبه بالمسيح. (غلاطية 2: 20)

السياق الكتابي والجغرافي

من المهم أن نفهم السياق الكتابي والجغرافي لعبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا”. سفر التكوين، حيث توجد هذه العبارة، كتب في سياق حضاري قديم كان يعتقد بوجود آلهة متعددة. ومع ذلك، يؤكد سفر التكوين على وجود إله واحد خالق، وهو الذي خلق الإنسان على صورته.

البيئة الجغرافية التي كتب فيها سفر التكوين، وهي منطقة الشرق الأوسط، كانت تتميز بصراعات مستمرة وحياة قاسية. ومع ذلك، يذكرنا سفر التكوين بأن الإنسان ليس مجرد كائن مادي، بل هو مخلوق روحاني يحمل صورة الله.

الآثار العملية لحياتنا اليومية

إن فهمنا لعبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا” له آثار عملية على حياتنا اليومية:

  • احترام الذات والآخرين: يجب أن نحترم أنفسنا ونحترم الآخرين لأننا جميعًا نحمل صورة الله.
  • السعي إلى القداسة: يجب أن نسعى إلى القداسة والتشبه بالمسيح لكي نعكس صورة الله في حياتنا.
  • خدمة الآخرين: يجب أن نخدم الآخرين بمحبة وتواضع، كما فعل المسيح.
  • رعاية الخليقة: يجب أن نرعى الخليقة ونحميها، لأننا وكلاء الله على الأرض.
  • مقاومة الشر: يجب أن نقاوم الشر ونعمل من أجل العدل والسلام، لأننا أبناء النور.

FAQ ❓

س: هل عبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا” تعني أن الله له جسد؟

ج: لا، الله روح لا يحده مكان ولا زمان. الصورة والشبه الإلهي يشيران إلى الصفات الروحية والعقلية والأخلاقية التي منحها الله للإنسان، وليس إلى أي تشابه مادي.

س: كيف يمكنني أن أستعيد صورة الله في حياتي؟

ج: عن طريق المعمودية والتوبة والأسرار المقدسة، وعن طريق النمو الروحي المستمر والتشبه بالمسيح في كل ما نفعله.

س: ما هي مسؤوليتنا تجاه الخليقة؟

ج: نحن وكلاء الله على الأرض، وعلينا أن نرعى الخليقة ونحميها ونسعى إلى الحفاظ عليها للأجيال القادمة. هذا يتضمن حماية البيئة، والحفاظ على الموارد الطبيعية، ومعاملة الحيوانات برحمة.

الخلاصة

إن عبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا”، والتي كانت محور بحثنا كيف نفهم عبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا”؟ وهل هي دليل على تعدد الآلهة؟، هي دعوة لنا لكي نعيش حياة تعكس حقًا صورة الله فينا. ليست هذه العبارة دليلًا على تعدد الآلهة، بل هي إعلان عن عظمة الله الواحد الذي خلقنا على صورته ومنحنا القدرة على معرفته ومحبته. فلنسعَ بكل جهدنا لكي ننمو في القداسة ونعكس نور المسيح في عالم مظلم. تذكر دائمًا أنك خليقة ثمينة تحمل في داخلك صورة الله، فحافظ عليها واعمل على تنميتها. لتكن حياتنا شهادة حية عن محبة الله ورحمته.

Tags

الصورة الإلهية, الشبه الإلهي, الثالوث, الله, الإنسان, الكنيسة القبطية الأرثوذكسية, آباء الكنيسة, لاهوت, الكتاب المقدس, الخلق

Meta Description

استكشف المعنى اللاهوتي العميق لعبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا” من منظور قبطي أرثوذكسي. هل هي دليل على تعدد الآلهة؟ اكتشف الإجابة وتعرف على الآثار العملية لهذه الحقيقة. **كيف نفهم عبارة “نخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا”؟ وهل هي دليل على تعدد الآلهة؟**

من

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *