هل الله في سفر يشوع إله دماء وحرب؟ نظرة لاهوتية أرثوذكسية قبطية
مُلخص تنفيذي ✨
تطرح تساؤلات حول صورة الله في سفر يشوع، وهل يظهر كإله دماء وحرب. هذا المقال، من منظور لاهوتي أرثوذكسي قبطي، يهدف إلى استكشاف هذه التساؤلات وتفنيدها. من خلال دراسة السياق التاريخي، والجغرافي، واللاهوتي، بالإضافة إلى أقوال آباء الكنيسة، سنوضح أن أوامر الله في سفر يشوع كانت جزءًا من خطة خلاص أوسع، وليست تعبيرًا عن طبيعة إلهية عنيفة. نهدف إلى تقديم فهم أعمق لعدالة الله ورحمته، وكيف تتجلّيان في أحداث العهد القديم. **هل الله في سفر يشوع إله دماء وحرب؟** هذا سؤال يستحق التأمل العميق.
مقدمة
سفر يشوع، بسردياته عن الفتح الإسرائيلي لأرض كنعان، غالبًا ما يثير تساؤلات صعبة حول طبيعة الله. إن أوامر الإبادة التي تبدو قاسية تثير حيرة الكثيرين. لكن، هل هذه الأوامر تعكس صورة حقيقية لله؟ أم أن هناك طريقة أخرى لفهم هذه الأحداث في ضوء الخلاص المسيحي؟ سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة من خلال منظور أرثوذكسي قبطي أصيل.
السياق التاريخي والجغرافي لسفر يشوع 🌍
لفهم سفر يشوع، يجب أن ننظر إلى السياق التاريخي والجغرافي الذي حدثت فيه الأحداث.
- كنعان: كانت أرض كنعان في ذلك الوقت غارقة في الوثنية والرجاسات (تثنية 12: 29-31). هذه الممارسات كانت تشمل تقديم الأطفال كذبائح بشرية، وهو أمر بغيض في نظر الله.
- العقوبات: كانت العقوبات التي أمر بها الله بمثابة دينونة عادلة على شرور هذه الأمم، وليست مجرد رغبة في الانتقام. يذكر سفر التثنية بوضوح أن سبب طرد هذه الأمم هو شرورهم (تثنية 9: 4-5).
- الخلاص: في العهد القديم، كان الخلاص يُفهم بشكل مختلف عما هو عليه في العهد الجديد. كان التركيز على الخلاص الجسدي والسياسي، وليس الخلاص الروحي الأبدي.
الدينونة الإلهية في ضوء العهد القديم والجديد 📖
إن فهم الدينونة الإلهية يتطلب ربط العهد القديم بالعهد الجديد.
- العدالة والرحمة: الله هو إله عدل وإله رحمة. في العهد القديم، تجلّت عدالته في الدينونة على الشر، بينما في العهد الجديد، تجلّت رحمته في الفداء من خلال المسيح.
- تجسد المسيح: إن تجسد المسيح وصلبه وقيامته هي قمة إعلان محبة الله للعالم. لقد حمل المسيح دينونة الخطية عنا، وفتح لنا طريق المصالحة مع الله.
- المحبة الكاملة: “لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ ٱللهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ.” (يوحنا 3: 16). هذه المحبة لا تتعارض مع عدالة الله، بل تكملها.
أقوال الآباء عن طبيعة الله في العهد القديم 📜
الآباء يوضحون لنا كيف نفهم أفعال الله في العهد القديم.
- القديس أثناسيوس الرسولي: في كتابه “تجسد الكلمة”، يوضح القديس أثناسيوس أن أفعال الله في العهد القديم كانت تمهيدًا لتجسد الكلمة. “Ὥσπερ οὖν καὶ τὰ κατὰ τὸν παλαιὸν νόμον ὑπῆρχεν εἰκόνες τῶν μελλόντων, οὕτως καὶ ἡ ἐπιδημία τοῦ Σωτῆρος ἡμῶν ἦν πλήρωσις τῶν προφητειῶν.” (Athanasius, *De Incarnatione*, 41) “كما كانت أحداث الناموس القديم صورًا للأمور الآتية، هكذا كان ظهور مخلصنا إتمامًا للنبوات.” (ترجمة عربية). هذا يعني أن أفعال الله في سفر يشوع يجب أن تُفهم في ضوء الخلاص الذي أتمه المسيح.
- القديس كيرلس الإسكندري: يرى القديس كيرلس أن الدينونة في العهد القديم كانت بمثابة تأديب للأمم الشريرة، بهدف حفظ شعب إسرائيل وحماية الوعد الإلهي بالخلاص. “Δεῖ γὰρ εἰδέναι ὅτι ὁ Θεὸς παιδεύει ὡς πατὴρ ἀγαθὸς, καὶ οὐ μισῶν κολάζει.” (Cyril of Alexandria, *Commentary on Isaiah*, 1:5) “يجب أن نعلم أن الله يؤدب كأب صالح، ولا يعاقب كمن يكره.” (ترجمة عربية).
أسئلة متكررة ❓
- س: لماذا أمر الله بإبادة بعض الشعوب؟
ج: لم يكن الهدف هو الإبادة لمجرد الإبادة، بل كان دينونة على الشرور العظيمة التي ارتكبتها هذه الشعوب، وحماية شعب الله من التأثر بهذه الشرور. كان هذا أيضًا جزءًا من خطة الله لخلاص العالم، حيث أن إسرائيل كانت الأداة التي سيأتي من خلالها المسيح.
- س: هل يتناقض هذا مع محبة الله ورحمته؟
ج: لا، فالعدالة والرحمة ليستا متناقضتين، بل هما وجهان لعملة واحدة. الله هو إله عدل، ولا يمكن أن يتجاهل الشر. ولكنه أيضًا إله رحمة، ويريد أن يخلص الجميع. في العهد الجديد، أظهر الله رحمته بشكل كامل من خلال تجسد المسيح وموته من أجلنا.
- س: كيف نفهم هذه الأحداث في ضوء المسيحية؟
ج: يجب أن نفهم هذه الأحداث في ضوء الخلاص الذي أتمه المسيح. لقد حمل المسيح دينونة الخطية عنا، وفتح لنا طريق المصالحة مع الله. هذا لا يبرر الشر، ولكنه يعطينا منظورًا أعمق لعدالة الله ورحمته.
الخلاصة 🕊️
في النهاية، **هل الله في سفر يشوع إله دماء وحرب؟** الجواب هو لا. الله هو إله عدل ورحمة. في العهد القديم، تجلّت عدالته في الدينونة على الشر، بينما في العهد الجديد، تجلّت رحمته في الفداء من خلال المسيح. يجب أن نفهم أحداث سفر يشوع في هذا السياق الأوسع للخلاص المسيحي. إن فهم هذه الأحداث يتطلب دراسة متأنية للكتاب المقدس، والتأمل في أقوال الآباء، والصلاة من أجل الاستنارة. يجب أن نثق بأن الله يعمل دائمًا من أجل خيرنا، حتى عندما لا نفهم طرقه.
Tags
الكتاب المقدس, سفر يشوع, الله, العهد القديم, اللاهوت, الأرثوذكسية, قبطي, الدينونة, الرحمة, المسيح
Meta Description
هل الله في سفر يشوع إله دماء وحرب؟ تحليل لاهوتي أرثوذكسي قبطي للسياق التاريخي وأقوال الآباء لفهم طبيعة الله في العهد القديم.