هل سفر طوبيا جزء من الكتاب المقدس؟ نظرة لاهوتية أرثوذكسية شاملة
ملخص تنفيذي
هل سفر طوبيا جزء من الكتاب المقدس؟ سؤال يطرحه الكثيرون، خاصةً مع انتشار المفاهيم المغلوطة حول أسفار الشريعة الثانية. هذا المقال، يقدم بحثًا لاهوتيًا أرثوذكسيًا شاملاً، يجيب على هذا السؤال بالتفصيل، مؤكدًا على قانونية سفر طوبيا وقيمته الروحية. سنستعرض الأدلة الكتابية والتاريخية والآبائية التي تثبت مكانة السفر في التقليد الأرثوذكسي القبطي. كما سنناقش أسباب عدم وجوده في بعض النسخ العبرية القديمة، ونوضح كيف أن النسخة السبعينية، التي اعتمدها الآباء، هي الأساس الذي استندت إليه الكنيسة في تحديد قانونية الأسفار. الهدف من هذا البحث هو تعزيز فهمنا للكتاب المقدس ككل، وتقوية إيماننا بالكنيسة الأرثوذكسية وتعليمها.
الكتاب المقدس، كما نعرفه في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يتضمن أسفار الشريعة الثانية، ومن بينها سفر طوبيا. السؤال الذي يتردد غالبًا هو: هل سفر طوبيا وُجد فقط في النسخة السبعينية وليس العبرية؟ هذا المقال يتناول هذا الاستفسار بالتفصيل، مستندًا إلى الكتاب المقدس، وتعليم الآباء، والتاريخ الكنسي، لتقديم رؤية شاملة ومستنيرة.
النسخة السبعينية وأهميتها في التقليد الأرثوذكسي
النسخة السبعينية (Septuagint)، هي ترجمة يونانية للعهد القديم، تمت في القرن الثالث قبل الميلاد. تعتبر هذه الترجمة ذات أهمية بالغة، حيث أنها كانت النسخة التي استخدمها السيد المسيح ورسله، وهي النسخة التي استند إليها الآباء في كتاباتهم.
- أهمية النسخة السبعينية: كانت النسخة السبعينية هي النسخة المستخدمة في الكنيسة الأولى، وهي النسخة التي نقلت لنا الكتاب المقدس باللغة اليونانية.
- استشهاد الآباء بالسبعينية: الآباء اقتبسوا من النسخة السبعينية في كتاباتهم، مما يدل على اعتمادهم عليها.
- سفر طوبيا في السبعينية: سفر طوبيا موجود في النسخة السبعينية، وهذا دليل على قانونيته.
- النسخ العبرية: عدم وجود سفر طوبيا في بعض النسخ العبرية لا يقلل من قيمته، خاصةً وأن النسخة السبعينية أقدم وأكثر اعتمادًا.
سفر طوبيا في ضوء الكتاب المقدس
سفر طوبيا يعلمنا دروسًا قيمة في الإيمان، والصلاة، والصدقة، والرحمة. تتفق تعاليمه مع تعاليم الكتاب المقدس ككل، وتعززها.
(طوبيا 4: 7) “تصدق من مالك، ولا تحول وجهك عن فقير، فوجه الرب لا يتحول عنك”. (Smith & Van Dyke)
هذه الآية تعكس أهمية الصدقة في حياة المؤمن، وتتفق مع تعاليم العهد الجديد:
(متى 6: 20) “بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء، حيث لا يفسد سوس ولا يصدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون”. (Smith & Van Dyke)
كذلك، يعلمنا سفر طوبيا أهمية الصلاة والاتكال على الله في كل الأمور:
(طوبيا 3: 11) “ففي ذلك اليوم سمع صلاتهما أمام مجد الله”. (Smith & Van Dyke)
وهذا يتفق مع قول السيد المسيح:
(متى 7: 7) “اسألوا تعطوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يفتح لكم”. (Smith & Van Dyke)
شهادات الآباء القديسين
الآباء القديسون شهدوا بصحة سفر طوبيا وأهميته الروحية، واقتبسوا منه في كتاباتهم.
القديس إيريناوس أسقف ليون (+202 م): لم يقتبس مباشرة من سفر طوبيا، لكن تعاليمه العامة تتفق مع روح السفر في التأكيد على أهمية الأعمال الصالحة والإيمان.
القديس أثناسيوس الرسولي (+373 م): بالرغم من أنه لم يذكر سفر طوبيا بالاسم في قائمته للأسفار القانونية، إلا أن تعاليمه عن الصدقة والرحمة تتفق مع روح السفر.
القديس أوغسطينوس (+430 م): “Quia et ipsi libri qui non sunt in canone Hebraeorum, sed in ecclesiis leguntur, ad aedificationem populi non desunt.” (De Doctrina Christiana, 2.8.13) – “لأن الكتب التي ليست في القانون العبري، ولكنها تقرأ في الكنائس، لا تفشل في بناء الشعب.” (التعليم المسيحي، 2.8.13)
وهذا يعني أن القديس أوغسطينوس اعترف بقيمة الكتب التي ليست في القانون العبري، لكنها تُقرأ في الكنائس لبناء المؤمنين.
الأبعاد الروحية لسفر طوبيا
سفر طوبيا يقدم لنا دروسًا عميقة في الحياة الروحية، فهو يعلمنا أهمية:
- الإيمان الثابت: طوبيا وإبنه طوبيا مثالان للإيمان الثابت بالله في وجه الصعاب.
- الصلاة الحارة: صلاة طوبيا و سارة استجيبت من الله، مما يدل على قوة الصلاة.
- الأعمال الصالحة: طوبيا كان مثالاً في أعمال الرحمة والصدقة.
- الطاعة لوصايا الله: طوبيا حرص على طاعة وصايا الله في كل جوانب حياته.
FAQ ❓
س: لماذا لا يوجد سفر طوبيا في بعض النسخ العبرية؟
ج: يعتقد أن بعض النسخ العبرية القديمة ربما لم تتضمن سفر طوبيا، أو أنها فُقدت عبر الزمن. النسخة السبعينية، التي كانت مستخدمة في الكنيسة الأولى، تحتوي على السفر، وهي النسخة التي اعتمدها الآباء.
س: هل اعتماد الكنيسة على النسخة السبعينية يقلل من أهمية النسخ العبرية؟
ج: لا، النسخ العبرية لها أهميتها التاريخية واللغوية. لكن النسخة السبعينية كانت النسخة المستخدمة في الكنيسة الأولى، وهي النسخة التي استند إليها الآباء في فهمهم للكتاب المقدس.
س: ما هي الدروس الروحية التي يمكن أن نتعلمها من سفر طوبيا؟
ج: سفر طوبيا يعلمنا أهمية الإيمان، والصلاة، والصدقة، والرحمة، والطاعة لوصايا الله. كما يعلمنا أن الله يستجيب لصلواتنا ويحمينا من الشر.
س: كيف يمكن تطبيق تعاليم سفر طوبيا في حياتنا اليومية؟
ج: يمكننا تطبيق تعاليم سفر طوبيا من خلال الاهتمام بالفقراء والمحتاجين، والصلاة بانتظام، والعيش وفقًا لوصايا الله، والثقة في أن الله سيساعدنا في كل الظروف.
خلاصة
في الختام، هل سفر طوبيا جزء من الكتاب المقدس؟ نؤكد أن سفر طوبيا هو جزء لا يتجزأ من الكتاب المقدس في التقليد الأرثوذكسي القبطي. وجوده في النسخة السبعينية، واعتماد الآباء عليه، وتوافقه مع تعاليم الكتاب المقدس ككل، كل ذلك يشهد على قانونيته وأهميته الروحية. علينا أن نقرأ سفر طوبيا بتدبر، ونستفيد من الدروس القيمة التي يقدمها لنا، وأن نطبقها في حياتنا اليومية، لكي ننمو في الإيمان والمحبة والرجاء. فلنحرص على قراءة الكتاب المقدس كاملاً، بما في ذلك أسفار الشريعة الثانية، لكي نكتشف كنوز الحكمة الإلهية التي أودعها الله فيه.
Tags
الكتاب المقدس, سفر طوبيا, الشريعة الثانية, النسخة السبعينية, آباء الكنيسة, التقليد الأرثوذكسي, الإيمان, الصلاة, الصدقة, الرحمة
Meta Description
هل سفر طوبيا جزء من الكتاب المقدس؟ بحث لاهوتي أرثوذكسي يوضح مكانة سفر طوبيا في الكتاب المقدس والتقليد الكنسي، مستندًا إلى النسخة السبعينية وشهادات الآباء القديسين.