هل هناك أسفار مفقودة أشير إليها في سفر صموئيل؟ نظرة تحليلية من منظور أرثوذكسي قبطي

ملخص تنفيذي

إنّ سؤال “هل هناك أسفار مفقودة أشير إليها في سفر صموئيل؟” من الأسئلة التي تثير جدلاً واسعاً. يهدف هذا البحث إلى دراسة هذا السؤال من منظور أرثوذكسي قبطي، معتمداً على الكتاب المقدس بعهديه، والأسفار القانونية الثانية، وأقوال الآباء، والتراث الكنسي. نبحث في الأدلة الكتابية التي يُستند إليها في الادعاء بوجود أسفار مفقودة، ونعرض تفسيراً أرثوذكسياً قبطياً يوضح المقصود بتلك الإشارات، مع التأكيد على سلامة الكتاب المقدس واكتماله كما تسلمناه من الرسل والآباء. نوضح أن ما يُشار إليه ليس بالضرورة أسفاراً مفقودة، بل قد تكون سجلات أو وثائق تاريخية أو تجميعات لبعض الأحداث التي لم تُدرج في الكتاب المقدس، أو قد تكون أجزاء من أسفار أخرى موجودة لدينا اليوم. نختم بتطبيقات روحية وعملية لحياتنا اليومية، مستلهمين من هذه الدراسة. ✨

مقدمة: لطالما كان الكتاب المقدس هو المرجع الأساسي للإيمان المسيحي الأرثوذكسي القبطي. ولكن، تثار أحياناً أسئلة حول اكتماله وسلامته، ومن بين هذه الأسئلة: هل هناك أسفار مفقودة أشير إليها في سفر صموئيل؟ يهدف هذا البحث إلى تقديم إجابة واضحة ومستندة إلى الكتاب المقدس والتراث الكنسي.

إشارات إلى مصادر أخرى في سفر صموئيل: نظرة تاريخية

يتضمن سفر صموئيل إشارات إلى مصادر أخرى، مثل “سفر ياشر” (صموئيل الثاني 1: 18) و “أخبار صموئيل الرائي” و “أخبار ناثان النبي” و “أخبار جاد الرائي” (أخبار الأيام الأول 29: 29). هذه الإشارات أثارت تساؤلات حول وجود أسفار مفقودة.

• سفر ياشر: يُذكر هذا السفر في سياق قصيدة رثاء داود لشاول ويوناثان. من المرجح أنه كان مجموعة من القصائد والأناشيد البطولية التي تسجل الأحداث التاريخية الهامة.
• أخبار صموئيل الرائي، ناثان النبي، جاد الرائي: هذه كانت سجلات تاريخية أو أرشيفات خاصة بالأنبياء، قد تتضمن تفاصيل إضافية عن حياتهم وأعمالهم ونبواتهم.
• أهمية السياق التاريخي: من المهم أن نفهم أن الكتاب المقدس لم يُقصد به أن يكون سجلاً كاملاً لكل الأحداث التاريخية، بل هو انتقاء إلهي للأحداث التي تخدم الخلاص.
• التراث الشفهي: لا يمكن إغفال دور التراث الشفهي في نقل الأحداث التاريخية والقصص البطولية، والذي قد يكون جزءاً من المصادر التي استند إليها كتاب الأسفار المقدسة.

تفسير أرثوذكسي قبطي: لا أسفار مفقودة، بل مصادر تاريخية

من وجهة نظر أرثوذكسية قبطية، لا يعني وجود إشارات إلى مصادر أخرى أن هناك أسفاراً مفقودة من الكتاب المقدس. بل، تشير هذه الإشارات إلى مصادر تاريخية أو أدبية استخدمها كتاب الأسفار المقدسة في تدوين الأحداث.

يؤكد آباء الكنيسة على اكتمال الكتاب المقدس وسلامته. يقول القديس أثناسيوس الرسولي:

“Αυτά ἐστι πηγαὶ σωτηρίας, ὥστε τὸν διψῶντα ἐμφορεῖσθαι τοῖς ἐν τούτοις λόγοις. Ἐν τούτοις μόνοις τὸ τῆς εὐσεβείας διδασκαλεῖον εὐαγγελίζεται, μηδεὶς τούτοις ἐπιβαλλέτω, μηδὲ τούτων ἀφαιρείτω.”

(Auta esti pēgai sōtērias, hōste ton dipsōnta emphereisthai tois en toutois logois. En toutois monois to tēs eusebeias didaskaleion euangelizetai, mēdeis toutois epiballetō, mēde toutōn aphaireitō.)

(These are fountains of salvation, that he who thirsts may be satisfied with the words they contain. In these alone the doctrine of godliness is proclaimed. Let no one add to these, neither let him take anything from them.)

(هذه هي ينابيع الخلاص، حتى يرتوي العطشان بالكلمات التي فيها. في هذه وحدها يُعلن تعليم التقوى. لا يضف أحد إلى هذه، ولا يأخذ شيئاً منها.)

ويوضح القديس أثناسيوس هنا أن الكتاب المقدس هو المصدر الكامل للتعليم الروحي والخلاص، ولا حاجة إلى إضافة أو حذف أي شيء منه.💡

• الكتاب المقدس كقصة خلاص: الكتاب المقدس ليس كتاب تاريخ بالمعنى الحديث، بل هو قصة خلاص الله للإنسان، والأحداث التي تُذكر فيه تخدم هذا الهدف.
• الوحي الإلهي والاختيار الإلهي: الله أوحى لكتاب الأسفار المقدسة واختار الأحداث التي تُدرج فيها، وهذا الاختيار يتميز بالحكمة الإلهية.
• الأسفار القانونية الثانية: الأسفار القانونية الثانية (Deuterocanonical books) جزء لا يتجزأ من الكتاب المقدس في التقليد الأرثوذكسي القبطي، وهي تعزز فهمنا للكتاب المقدس وتضيف أبعاداً روحية عميقة.
• أقوال الآباء: أقوال الآباء هي مرجع هام في فهم الكتاب المقدس، حيث أنهم عاشوا في سياق ثقافي ولغوي قريب من الكتاب المقدس، وفهمهم للكتاب المقدس مستنير بالروح القدس.

الأسفار القانونية الثانية ودورها في فهم الكتاب المقدس

غالباً ما يتم تجاهل الأسفار القانونية الثانية في النقاشات حول الكتاب المقدس. لكنها جزء أصيل من الكتاب المقدس الأرثوذكسي القبطي، وتساهم في فهم أعمق وأشمل للوحي الإلهي. سفر طوبيا، على سبيل المثال، يعلمنا عن أهمية الصدقة والرحمة، وكيف أن الله يستجيب لصلوات الأبرار. سفر يهوديت يعلمنا عن الشجاعة والإيمان بالله في أوقات الشدة. هذه الأسفار تثري فهمنا للعهد القديم وتعدنا للعهد الجديد.📖

❓ أسئلة وأجوبة حول الموضوع

• س: هل يعني ذكر “سفر ياشر” أن هناك أسفاراً أخرى موحى بها لم تصل إلينا؟
  ج: لا، ذكر “سفر ياشر” لا يعني بالضرورة أنه سفر موحى به بنفس طريقة أسفار الكتاب المقدس. قد يكون مجموعة من القصائد أو الأناشيد البطولية التي استخدمها كاتب سفر صموئيل كمصدر تاريخي.
• س: كيف نثق في اكتمال الكتاب المقدس إذا كانت هناك إشارات إلى مصادر أخرى؟
  ج: ثقتنا في اكتمال الكتاب المقدس تستند إلى إيماننا بأن الله هو الذي أوحى لكتاب الأسفار المقدسة، وهو الذي اختار الأحداث التي تُدرج فيه. الإشارات إلى مصادر أخرى لا تنقص من قيمة الكتاب المقدس، بل تشير إلى المصادر التي استعان بها الكتاب.
• س: ما هو دور الأسفار القانونية الثانية في فهم هذه القضية؟
  ج: الأسفار القانونية الثانية تعزز فهمنا للكتاب المقدس وتؤكد على أن التقليد الكنسي هو جزء لا يتجزأ من فهم الوحي الإلهي. هذه الأسفار تثري فهمنا للعهد القديم وتقدم لنا دروساً روحية عميقة.

الخلاصة: اكتمال الكتاب المقدس وثقتنا في الوحي الإلهي

في الختام، إنّ سؤال “هل هناك أسفار مفقودة أشير إليها في سفر صموئيل؟” لا يمس سلامة الكتاب المقدس أو اكتماله. فالإشارات إلى مصادر أخرى في سفر صموئيل لا تعني وجود أسفار مفقودة، بل تشير إلى مصادر تاريخية أو أدبية استخدمها كتاب الأسفار المقدسة. يجب أن نثق في أن الله هو الذي أوحى لكتاب الأسفار المقدسة واختار الأحداث التي تُدرج فيه. لنتمسك بالكتاب المقدس كما تسلمناه من الرسل والآباء، وندرس الأسفار القانونية الثانية، ونتعلم من أقوال الآباء، لكي ننمو في الإيمان والمعرفة.🕊️ دعونا نحافظ على إيماننا الراسخ بكلمة الله، فهي نور لطريقنا وهداية لحياتنا. لنضع ثقتنا الكاملة في الوحي الإلهي المكتمل في الكتاب المقدس، ونعمل على تطبيقه في حياتنا اليومية لننال بركات الله ونكون شهوداً حقيقيين لإنجيله.📜

Tags

الكتاب المقدس, سفر صموئيل, الأسفار المفقودة, الأسفار القانونية الثانية, آباء الكنيسة, أرثوذكسية قبطية, الوحي الإلهي, التراث الكنسي, اكتمال الكتاب المقدس, تفسير الكتاب المقدس

Meta Description

هل هناك أسفار مفقودة أشير إليها في سفر صموئيل؟ بحث أرثوذكسي قبطي يفنّد الشكوك ويؤكد اكتمال الكتاب المقدس وسلامته. تعرف على تفسير الإشارات إلى المصادر الأخرى ودور الأسفار القانونية الثانية.