كيف نفهم مزمور 118 كنبوة عن المسيح (الحجر المرفوض)؟ تأملات آبائية في المزمور النبوي

✨ ملخص تنفيذي ✨

مزمور 118، وخصوصًا الآية 22 “اَلْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ.” (مزمور 118: 22 Smith & Van Dyke)، يمثل نبوة مركزية عن رفض المسيح من قبل قادة اليهود، ثم قبوله من قبل الله ليكون حجر الزاوية الذي يربط الكنيسة جمعاء. يهدف هذا البحث إلى تفصيل الفهم الأرثوذكسي القبطي لهذه النبوة، مستندًا إلى تفسيرات الآباء، والسياق التاريخي والثقافي للمزمور، وتطبيقاته الروحية في حياتنا اليومية. سنتناول بالتفصيل معنى “الحجر المرفوض” وكيف تجسد في حياة المسيح وخدمته، وكيف يمثل رمزًا لقبول الله له. سنستكشف أيضًا كيف نفهم مزمور 118 كنبوة عن المسيح (الحجر المرفوض) في سياق أوسع من الكتاب المقدس، وكيف يرتبط هذا الفهم بمفاهيم أخرى مثل الفداء والقيامة والصعود. وأخيرًا، سنقدم تأملات عملية حول كيفية تطبيق هذه الحقائق الروحية في حياتنا اليومية لننمو في الإيمان والمحبة.

مقدمة: مزمور 118 هو ترنيمة نصر ورجاء، لكنه يحمل في طياته نبوة عظيمة عن المسيح، خاصة في الآية التي تتحدث عن “الحجر المرفوض”. فكيف نفهم هذا المزمور في ضوء المسيح؟

📖 المزمور 118: سياق تاريخي وجغرافي 📖

يُعتقد أن مزمور 118 كتب بعد العودة من السبي البابلي، ربما للاحتفال بإعادة بناء الهيكل أو انتصار عسكري. السياق الحضري والبيئي للقدس في ذلك الوقت كان يشهد إعادة بناء وتجديد. مدينة محاطة بالصعاب، لكنها تشهد عمل الله.

  • إعادة بناء الهيكل: بعد العودة من السبي، واجه اليهود تحديات كبيرة في إعادة بناء الهيكل. هذا السياق يمكن أن يفسر رمزية “الحجر المرفوض” الذي يمثل إسرائيل المرفوضة ثم المقبولة.
  • أورشليم كرمز: أورشليم، المدينة المقدسة، كانت تمثل قلب الأمة اليهودية. إعادة بنائها كانت تعكس الرجاء في مستقبل أفضل، وهو رجاء تحقق في المسيح.
  • تأثير السبي: السبي البابلي ترك أثراً عميقاً على الوعي الروحي للشعب، مما جعلهم أكثر استعداداً لتقبل فكرة المسيح المخلص، حتى لو كان مرفوضاً من قبل القادة.

المسيح “الحجر المرفوض” في تفسير الآباء

الآباء الأوائل رأوا في هذه الآية نبوة مباشرة عن المسيح. كيف فسروا ذلك؟

الأب كيرلس الإسكندري

يرى القديس كيرلس الإسكندري أن “الحجر المرفوض” هو المسيح الذي رفضه اليهود، لكنه صار حجر الزاوية في الكنيسة. يقول القديس كيرلس: “Οὗτος ἐστὶν ὁ λίθος ὁ ἀποδεδοκιμασμένος ὑπὸ τῶν οἰκοδομούντων, γενόμενος εἰς κεφαλὴν γωνίας” (هذا هو الحجر الذي رفضه البناؤون، صار رأس الزاوية). وهذا يشير إلى أن المسيح، رغم رفضه، هو أساس الكنيسة ومركزها.

(Cyril of Alexandria, Commentary on Psalm 118:22). ترجمة عربية: “هذا هو الحجر الذي رفضه البناؤون، صار رأس الزاوية.”

القديس أغسطينوس

يتأمل القديس أغسطينوس في رفض اليهود للمسيح، وكيف أن هذا الرفض لم يمنع خطة الله. يكتب: “Lapis reprobatus factus est in caput anguli.” (الحجر الذي رذله البناؤون صار رأس الزاوية). هذا يؤكد أن رفض المسيح لم يكن فشلاً، بل كان جزءًا من خطة الله لخلاص العالم.

(Augustine, Enarrationes in Psalmos, Psalm 118, Sermo 22). ترجمة عربية: “الحجر الذي رذله البناؤون صار رأس الزاوية.”

أمثلة أخرى من العهد الجديد

العهد الجديد نفسه يشير إلى هذه النبوة:

  • متى 21: 42: “قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا!” (Smith & Van Dyke)
  • أعمال الرسل 4: 11: “هذَا هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ، الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ.” (Smith & Van Dyke)
  • 1 بطرس 2: 7: “فَلَكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تُؤْمِنُونَ الْكَرَامَةُ، وَأَمَّا لِلَّذِينَ لَا يُطِيعُونَ: «فَالْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ»” (Smith & Van Dyke)

الحجر المرفوض: رمز للرفض والقبول

ماذا يعني أن يكون المسيح “الحجر المرفوض”؟

  • الرفض من البشر: يمثل رفض المسيح من قبل القادة الدينيين والسياسيين في عصره. هذا الرفض كان نتيجة لعدم فهمهم لرسالته وطبيعته.
  • القبول من الله: على الرغم من الرفض البشري، قبل الله المسيح وأقامه من بين الأموات، وجعله رأس الزاوية في الكنيسة.
  • التجسيد والمعاناة: رمزية الحجر المرفوض تعكس أيضاً التجسد والمعاناة التي تحملها المسيح من أجل خلاصنا.
  • القيامة والانتصار: القيامة هي البرهان القاطع على قبول الله للمسيح وانتصاره على الموت والخطيئة.
  • الكنيسة كبناء روحي: الكنيسة هي البناء الروحي الذي يربطه المسيح، حجر الزاوية.

❓ أسئلة شائعة ❓

هنا بعض الأسئلة التي قد تخطر ببالك:

  • ❓ لماذا استخدم المزمور صورة “الحجر”؟

    صورة الحجر كانت شائعة في العصور القديمة للإشارة إلى الأساس والبناء. استخدامها هنا يوضح أن المسيح هو أساس الكنيسة وركنها الركين.

  • ❓ ما هي أهمية كون المسيح “رأس الزاوية”؟

    رأس الزاوية هو الحجر الذي يربط جانبي البناء، مما يجعله أساسًا متينًا. المسيح يربط بين اليهود والأمم، ويجمع المؤمنين في جسد واحد هو الكنيسة.

  • ❓ كيف يمكننا تطبيق هذه النبوة في حياتنا اليومية؟

    يمكننا تطبيق هذه النبوة من خلال تذكر أن الله يمكن أن يستخدم الأشياء التي يرفضها العالم لتحقيق مقاصده. يجب أن نثق في أن الله يمكن أن يحول الضعف إلى قوة والرفض إلى قبول.

  • ❓ هل هناك نبوات أخرى تشير إلى رفض المسيح؟

    نعم، هناك العديد من النبوات في العهد القديم التي تشير إلى رفض المسيح ومعاناته، مثل نبوة إشعياء عن العبد المتألم (إشعياء 53).

🕊️ الخلاصة والتطبيق الروحي 🕊️

كيف نفهم مزمور 118 كنبوة عن المسيح (الحجر المرفوض)؟ تعلمنا أن مزمور 118 يكشف عن حقيقة جوهرية: المسيح، الذي رذله الناس، جعله الله رأس الزاوية. هذه النبوة ليست مجرد تاريخ، بل هي دعوة لنا لكي نرى عمل الله في حياتنا، حتى في أوقات الرفض والألم. يجب أن نثق في أن الله قادر على تحويل الضعف إلى قوة، والرفض إلى قبول، والموت إلى حياة. فلنجعل المسيح هو حجر الزاوية في حياتنا، الذي يربطنا بالله وببعضنا البعض، ونعيش حياة ترضي قلبه.

Tags

المسيح, مزمور 118, الحجر المرفوض, نبوة, الآباء, الأرثوذكسية, الرفض, القبول, الكتاب المقدس, الكنيسة

Meta Description

اكتشف كيف نفهم مزمور 118 كنبوة عن المسيح (الحجر المرفوض) من خلال تفسيرات الآباء الأرثوذكس وتطبيقاتها الروحية. تعرف على معنى “الحجر المرفوض” وكيف تجسد في حياة المسيح.

من

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *