لماذا يُقتل من يمارس السحر أو يستشير الموتى؟ نظرة أرثوذكسية عميقة
ملخص تنفيذي
السحر واستشارة الموتى، موضوعان لطالما أثارا تساؤلات عميقة في مختلف الحضارات والأديان. في المسيحية الأرثوذكسية القبطية، يُنظر إلى ممارسة السحر واستشارة الموتى على أنها خطايا جسيمة تستحق العقاب، بما في ذلك الموت في العهد القديم. هذا البحث المتعمق يتناول الأسباب اللاهوتية والتاريخية وراء هذا الحكم، مستندًا إلى الكتاب المقدس (بما في ذلك الأسفار القانونية الثانية)، وآراء آباء الكنيسة، والسياق الحضاري الذي ظهرت فيه هذه المحرمات. كما سنناقش التطبيقات الروحية لهذه التعاليم في الحياة المعاصرة، وكيف يمكننا تجنب الوقوع في براثن هذه الممارسات المدمرة روحيًا. سنكتشف سويا لماذا يُقتل من يمارس السحر أو يستشير الموتى في ضوء الفهم الأرثوذكسي.
مقدمة: لماذا هذا التحريم الشديد؟ السحر واستشارة الموتى ليسا مجرد أفعال، بل هما تمرّد على الله وفتح للأبواب أمام قوى الظلام. دعونا نتعمق في هذا الموضوع الشائك.
السحر واستشارة الموتى: نظرة الكتاب المقدس
يُدين الكتاب المقدس السحر واستشارة الموتى بشكل قاطع. لنستعرض بعض النصوص الهامة:
- سفر الخروج 22: 18 (Smith & Van Dyke): “لا تدع ساحرة تعيش.”
- سفر اللاويين 19: 31 (Smith & Van Dyke): “لا تلتفتوا إلى السحرة ولا تطلبوا العرافين فتتنجسوا بهم. أنا الرب إلهكم.”
- سفر التثنية 18: 10-12 (Smith & Van Dyke): “لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار، ولا من يعرف عرافة، ولا عائف، ولا متفائل، ولا ساحر، ولا من يرقي رقية، ولا من يسأل جانا أو تابعة، ولا من يستشير الموتى. لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب.”
- سفر يشوع بن سيراخ 34: 5-6 (الأسفار القانونية الثانية): “من يتطهر بميت، وما يغسله ثم يمسه، فماذا ينفعه طهره؟ هكذا من يصوم عن خطاياه، ثم يرجع إليها، فماذا ينفعه تذلله؟ ومن يسمع حكمة ولا يعمل بها؟”
هذه الآيات، وغيرها الكثير، توضح أن الله يرى في هذه الممارسات خطيئة عظيمة. لماذا؟ لأنها تنطوي على:
- عبادة الأوثان: غالبًا ما تتضمن ممارسات السحر تقديم القرابين أو الاستعانة بقوى أخرى غير الله.
- التشكيك في سلطان الله: الساحر أو العراف يدعي القدرة على تغيير القدر أو معرفة المستقبل، وهو أمر يختص به الله وحده.
- فتح الأبواب أمام الشياطين: هذه الممارسات تجذب قوى الظلام وتسمح لها بالتأثير في حياة الإنسان.
- نجاسة الروح: من يمارس السحر أو يستشير الموتى يتنجس روحيًا ويبتعد عن الله.
آراء آباء الكنيسة في السحر واستشارة الموتى
آباء الكنيسة، وعلى رأسهم آباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أكدوا على خطورة السحر واستشارة الموتى. لنستعرض بعضًا من أقوالهم:
- القديس أثناسيوس الرسولي: “οὐ γὰρ ἔστιν κοινωνία φωτὶ πρὸς σκότος” (2 Corinthians 6:14). “For what partnership has light with darkness?” (English). “لأنه أية شركة للنور مع الظلمة؟” (Arabic). القديس أثناسيوس يشدد على استحالة اجتماع النور الإلهي مع قوى الظلام.
- القديس كيرلس الأورشليمي: “Μὴ γίνου μάντις· μηδὲ χρησμολόγος· μηδὲ ἐπαοιδός” (Catechetical Lectures, IV, 35). “Become neither a diviner, nor an oracle-monger, nor an enchanter.” (English). “لا تكن عرافًا ولا متنبئًا ولا ساحرًا.” (Arabic). القديس كيرلس يحذر من كل أشكال التنجيم والسحر.
- القديس أنطونيوس الكبير: يعتبر السحر والاستعانة بالشياطين دليلا على الابتعاد عن الله والانقياد للشهوات الجسدية.
هذه الأقوال، وغيرها، تعكس إجماع آباء الكنيسة على أن السحر واستشارة الموتى هما طريق الانحراف والهلاك الروحي. هذه الممارسات تعرض الروح للخطر، وتقطع الصلة بالله، وتفتح الأبواب لقوى الظلام للسيطرة على حياة الإنسان.
السياق التاريخي والحضاري
في العصور القديمة، كان السحر واستشارة الموتى منتشرين في مختلف الحضارات. ففي مصر القديمة، كان الكهنة يمارسون السحر ويستشيرون الموتى. وفي اليونان وروما، كان هناك عرافون ومتنبئون يدعون القدرة على معرفة المستقبل. الكتاب المقدس جاء ليحارب هذه الممارسات الوثنية ويطهر شعب الله منها.
في العهد القديم، كان شعب إسرائيل محاطًا بأمم وثنية تمارس السحر والشعوذة. لذلك، شدد الله على تحريم هذه الممارسات لحماية شعبه من الانحراف عن عبادته الحقيقية. العقاب بالموت كان يهدف إلى ردع الآخرين ومنع انتشار هذه الممارسات المدمرة.
العقاب بالموت: لماذا هذا الحكم الشديد؟
العقاب بالموت على ممارسة السحر واستشارة الموتى قد يبدو قاسيًا في نظر البعض. ولكن، يجب أن نفهم السياق التاريخي واللاهوتي لهذا الحكم. ففي العهد القديم، كانت الخطايا التي تمس العلاقة مع الله تُعتبر خطيرة للغاية وتستحق العقاب الشديد. ممارسة السحر واستشارة الموتى كانت تعتبر خيانة لله وفتحًا للأبواب أمام قوى الشر.
بالإضافة إلى ذلك، كان الهدف من العقاب بالموت هو ردع الآخرين ومنع انتشار هذه الممارسات المدمرة. فالسحر واستشارة الموتى كانا يشكلان خطرًا حقيقيًا على المجتمع الإسرائيلي، حيث كانا يؤديان إلى الانحراف عن عبادة الله الحقيقية وإلى انتشار الخرافات والأوهام.
هل هذا الحكم سارٍ في العهد الجديد؟
في العهد الجديد، لا يوجد أمر صريح بقتل من يمارس السحر أو يستشير الموتى. ولكن، هذا لا يعني أن هذه الممارسات أصبحت مباحة. فالسحر واستشارة الموتى ما زالا يعتبران خطايا جسيمة في المسيحية، وتستحقان التوبة والرجوع إلى الله. ولكن، العقاب الجسدي، بما في ذلك الموت، لم يعد هو الطريقة التي تتعامل بها الكنيسة مع هذه الخطايا. ففي العهد الجديد، نركز على التوبة والمغفرة والخلاص.
FAQ ❓
- س: هل ممارسة السحر محصورة في استخدام التعاويذ والأعمال السحرية فقط؟
ج: لا، ممارسة السحر تشمل أي محاولة للتأثير في الأحداث أو الأشخاص بطرق تتجاوز القوانين الطبيعية والروحية التي وضعها الله، بما في ذلك التنجيم وقراءة الكف. - س: كيف يمكنني أن أحمي نفسي من تأثير السحر؟
ج: بالحفاظ على علاقة قوية بالله من خلال الصلاة المنتظمة، وقراءة الكتاب المقدس، والمواظبة على الأسرار الكنسية (الاعتراف والتناول)، وتجنب الأماكن والأشخاص الذين يمارسون السحر. - س: ما هو الفرق بين معجزة الله والسحر؟
ج: معجزة الله هي عمل إلهي يتم بقوة الله ومشيئته، ويهدف إلى خير الإنسان وتمجيد اسم الله. أما السحر فهو عمل بشري يتم بالاستعانة بقوى أخرى غير الله، وغالبًا ما يكون له دوافع شريرة. - س: هل استشارة الأب الكاهن أو المرشد الروحي تعتبر نوعًا من استشارة الغيب الممنوعة؟
ج: لا، استشارة الأب الكاهن أو المرشد الروحي تهدف إلى الحصول على الإرشاد الروحي والنصيحة المستندة إلى الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة، وليس إلى معرفة المستقبل أو تغيير القدر.
الخلاصة: نحو حياة روحية نقية
إن فهمنا لـ لماذا يُقتل من يمارس السحر أو يستشير الموتى؟ يجب أن يقودنا إلى حياة روحية نقية وخالية من الشوائب. يجب أن نبتعد عن كل ما يمس العلاقة مع الله، وأن نسعى إلى النمو الروحي من خلال الصلاة والصوم والتوبة. يجب أن نكون حذرين من تأثير قوى الظلام، وأن نحصن أنفسنا بالإيمان والمحبة. تذكر أن الله هو ملجأنا وحصننا، وبه وحده الخلاص. فلنتمسك به، ولنسلك في طريقه، ولنترك كل ما يعيقنا عن الوصول إليه.
Tags
السحر, الشعوذة, استشارة الموتى, الأرثوذكسية, الكتاب المقدس, آباء الكنيسة, الخلاص, التوبة, المسيحية, الروحانية
Meta Description
لماذا يُقتل من يمارس السحر أو يستشير الموتى؟ استكشاف عميق من منظور أرثوذكسي، يشمل الكتاب المقدس، آباء الكنيسة، وتطبيقات الحياة المعاصرة.