كيف يكون “عبد الرب المتألم” (إش 53) عن المسيح بينما يزعم اليهود أنه عن إسرائيل الأمة؟ نظرة أرثوذكسية قبطية

ملخص تنفيذي

يتناول هذا البحث العميق سؤالاً محورياً في اللاهوت المسيحي: كيف يمكن فهم “عبد الرب المتألم” في سفر إشعياء 53 على أنه نبوءة عن المسيح، بينما يصر بعض اليهود على أنه يشير إلى إسرائيل كأمة؟ سنستكشف هذا السؤال من منظور أرثوذكسي قبطي، معتمدين على الكتاب المقدس بأكمله، بما في ذلك الأسفار القانونية الثانية، وآباء الكنيسة الأوائل، والسياق التاريخي والجغرافي. سنوضح كيف أن تفسير الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، المدعوم بأدلة قوية من النصوص والتقاليد، يرى في “عبد الرب المتألم” صورة دقيقة للمسيح المتألم والمُفتدي، وكيف أن هذا الفهم يقدم لنا دروساً روحية عميقة لحياتنا اليومية. فهمنا الصحيح لعبد الرب المتألم يؤكد لنا أن المسيح هو فادينا الحقيقي، وأن آلامه هي مصدر رجائنا وخلاصنا.

يثير سفر إشعياء، وخاصة الأصحاح 53، نقاشًا حيويًا حول هوية “عبد الرب المتألم”. هل هو إسرائيل كأمة، كما يدعي البعض، أم هو المسيح المخلص؟ يهدف هذا البحث إلى تقديم إجابة شاملة من وجهة نظر أرثوذكسية قبطية، مستندة إلى الكتاب المقدس، وتقاليد الآباء، والمنطق اللاهوتي السليم، لفهم أعمق لسؤال كيف يكون “عبد الرب المتألم” (إش 53) عن المسيح بينما يزعم اليهود أنه عن إسرائيل الأمة؟

إشعياء 53: نظرة عامة

إشعياء 53 هو جزء من “أناشيد عبد الرب” التي تتخلل سفر إشعياء. يصف هذا الأصحاح شخصية متألمة ومرفوضة تتحمل آثام الآخرين. يجادل البعض بأن هذا يمثل إسرائيل كأمة تعاني من أجل خطايا العالم. لكن هل هذا التفسير يتفق مع الكتاب المقدس ككل ومع تقليد الكنيسة الأرثوذكسية القبطية؟

لماذا لا يمكن أن يكون “عبد الرب المتألم” هو إسرائيل؟

  • الخلاص من الخطايا: يصف إشعياء 53: 5 أن “عبد الرب” مجروح لأجل معاصينا ومسحوق لأجل آثامنا. هل يمكن لإسرائيل كأمة أن تكفر عن خطايا الآخرين؟ الكتاب المقدس يعلم أن الخلاص هو عطية مجانية من الله من خلال المسيح يسوع وحده. (أفسس 2: 8-9).
  • البراءة والقداسة: يصف إشعياء 53: 9 أن “عبد الرب” لم يفعل ظلمًا ولم يكن في فمه غش. هل يمكن وصف إسرائيل كأمة بهذه الصفات؟ تاريخ إسرائيل مليء بالخطايا والعصيان.
  • الطاعة الكاملة: إشعياء 53: 7 يقول: “ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ.” (Smith & Van Dyke). هذه الطاعة الكاملة تتجسد في المسيح الذي أطاع حتى الموت، موت الصليب (فيلبي 2: 8).
  • النبوءات الأخرى: العديد من النبوءات الأخرى في العهد القديم تشير إلى المسيح المتألم. على سبيل المثال، مزمور 22 يصف بالتفصيل آلام المسيح على الصليب.
  • شهادة العهد الجديد: العهد الجديد يؤكد مرارًا وتكرارًا أن إشعياء 53 نبوءة عن المسيح. (أعمال الرسل 8: 32-35).

آباء الكنيسة وتفسير إشعياء 53

آباء الكنيسة الأوائل، الذين كانوا أقرب إلى السياق التاريخي والثقافي للكتاب المقدس، فهموا إشعياء 53 على أنه نبوءة عن المسيح.

  • القديس إيريناؤس: في كتابه “ضد الهرطقات” (Adversus Haereses)، يقتبس القديس إيريناؤس إشعياء 53 ويشير إليه بوضوح على أنه نبوءة عن المسيح.
  • القديس كيرلس الإسكندري: في تفسيره لإشعياء، يربط القديس كيرلس الإسكندري آلام “عبد الرب” بآلام المسيح على الصليب.
  • القديس أثناسيوس الرسولي: يشير إلى إشعياء 53 كدليل على لاهوت المسيح وتجسده.

على سبيل المثال، يقول القديس كيرلس الإسكندري (تفسير إشعياء):

καὶ αὐτὸς τὰς ἡμετέρας ἀσθενείας ἐβάστασε, καὶ τὰς νόσους ἐφόρεσεν.

Translation (English): And He Himself took our infirmities and bore our sicknesses.

Translation (Arabic): وهو حمل أسقامنا وتحمل أوجاعنا.

هذا المقطع يؤكد أن المسيح حمل أسقامنا وأوجاعنا، وهو ما يتفق تمامًا مع وصف “عبد الرب المتألم” في إشعياء 53.

السياق التاريخي والجغرافي لإشعياء 53

إشعياء عاش في القرن الثامن قبل الميلاد في مملكة يهوذا. كانت هذه فترة من الاضطرابات السياسية والروحية. النبوءات في سفر إشعياء كانت تهدف إلى دعوة الشعب إلى التوبة والعودة إلى الله. فهم إشعياء 53 يتطلب فهم السياق الذي كتبت فيه هذه النبوءة.

إشعياء 53 والمسيح: تحقيق النبوءة

حياة المسيح، وموته، وقيامته تحقق نبوءة إشعياء 53 بشكل كامل. المسيح تألم ومات من أجل خطايا العالم، وقام من بين الأموات منتصراً على الموت. هذا التحقيق للنبوءة يقدم دليلاً قاطعاً على أن إشعياء 53 يتحدث عن المسيح. آلام المسيح هي محور خلاصنا، وهي دليل على محبة الله اللامتناهية لنا.

FAQ ❓

  • س: لماذا يصر بعض اليهود على أن إشعياء 53 يتحدث عن إسرائيل؟

    ج: يرجع ذلك إلى رفضهم الاعتراف بالمسيح يسوع كمخلص وإلى تفسيرهم للنصوص الكتابية بشكل مختلف، وغالبًا ما يركزون على البعد القومي لإسرائيل.

  • س: كيف يمكننا أن نرد على هذه الحجة بشكل فعال؟

    ج: من خلال تقديم أدلة كتابية وتاريخية قوية، والتركيز على تحقيق النبوءات في حياة المسيح، وشرح تفسير آباء الكنيسة الأوائل.

  • س: ما هي الدروس الروحية التي يمكننا تعلمها من إشعياء 53؟

    ج: نتعلم عن محبة الله اللامتناهية لنا، وعن قوة التضحية، وعن أهمية الطاعة، وعن الرجاء في الخلاص.

الخلاصة

إن فهم “عبد الرب المتألم” في إشعياء 53 على أنه نبوءة عن المسيح هو أمر أساسي للإيمان المسيحي. هذا الفهم يتفق مع الكتاب المقدس، وتقاليد الكنيسة، والمنطق اللاهوتي السليم. بينما يصر البعض على أن “عبد الرب المتألم” يمثل إسرائيل، فإن الأدلة تشير بقوة إلى المسيح المتألم والمُفتدي. هذه النبوءة تعطينا رجاءً عظيماً وتذكرنا بمحبة الله العظيمة التي تجلت في المسيح يسوع ربنا. فهمنا الصحيح لسؤال كيف يكون “عبد الرب المتألم” (إش 53) عن المسيح بينما يزعم اليهود أنه عن إسرائيل الأمة؟ يقودنا إلى تعميق علاقتنا بالمسيح وفهم أعمق لخلاصنا.

Tags

إشعياء 53, عبد الرب المتألم, المسيح, نبوءات, الكتاب المقدس, الأرثوذكسية القبطية, آباء الكنيسة, اللاهوت, الخلاص, إسرائيل

Meta Description

استكشف التفسير الأرثوذكسي القبطي لإشعياء 53: هل “عبد الرب المتألم” هو نبوءة عن المسيح أم عن إسرائيل؟ بحث شامل مدعوم بالكتاب المقدس وآباء الكنيسة.

من

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *