هل دخول أستير إلى الملك دون دعوة مخالفة للشريعة؟ نظرة لاهوتية قبطية أرثوذكسية

ملخص تنفيذي

تسعى هذه المقالة إلى دراسة موضوع دخول أستير إلى الملك أحشويروش دون دعوة، وما إذا كان ذلك يمثل مخالفة للشريعة كما وردت في سفر أستير. إن فهم هذا الحدث يتطلب تحليلًا دقيقًا للسياق التاريخي والاجتماعي والديني، بالإضافة إلى استعراض الشريعة الموسوية ومقارنتها بالظروف المحيطة بأستير. نهدف إلى تقديم رؤية لاهوتية قبطية أرثوذكسية متوازنة، مع الأخذ في الاعتبار آراء آباء الكنيسة وتطبيقها على حياتنا الروحية اليوم. هل دخول أستير إلى الملك دون دعوة مخالفة للشريعة؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه.

يثير سفر أستير العديد من التساؤلات حول علاقة المؤمنين بالسلطات الزمنية، وأهمية الحكمة والشجاعة في مواجهة التحديات. هل كان تصرف أستير مبررًا في ضوء الظروف المحيطة؟ وهل يمكن اعتباره مثالًا لنا في كيفية التعامل مع المواقف الصعبة؟ دعونا نتعمق في هذا الموضوع من خلال منظور أرثوذكسي.

خلفية تاريخية واجتماعية لسفر أستير

لكي نفهم دوافع أستير وتصرفاتها، يجب أن نضع أنفسنا في مكانها وزمانها. كانت أستير يهودية تعيش في أرض فارس، في ظل حكم الملك أحشويروش. كان اليهود أقلية مضطهدة، وكانت حياتهم مهددة بالإبادة بسبب مؤامرة هامان الشرير. دخول أستير إلى الملك دون دعوة كان مخاطرة كبيرة، حيث كان ذلك يعرضها لخطر الموت الفوري. لكنها فعلت ذلك بدافع من حبها لشعبها ورغبتها في إنقاذه من الهلاك.

الشريعة الموسوية والدخول إلى الملك

تنص الشريعة الموسوية على احترام السلطات الزمنية والخضوع لها (رومية 13: 1-7). ومع ذلك، فإن الشريعة تسمح أيضًا بالعصيان المدني في حالة صدور أوامر مخالفة لوصايا الله. فهل كان دخول أستير إلى الملك دون دعوة مخالفة للشريعة؟ الإجابة ليست بسيطة. فمن ناحية، خالفت أستير القانون الفارسي الذي يمنع الدخول إلى الملك دون إذن. ومن ناحية أخرى، كانت تعمل بدافع إنقاذ شعبها من الموت، وهو واجب مقدس.

يشير سفر الأمثال (أمثال 24: 11-12) بوضوح إلى مسؤوليتنا في الدفاع عن المضطهدين: “أنقذ المساقين إلى الموت، والممدودين للقتل. إن قلت: هوذا لم نعرف هذا، أفلا يفهم وزن القلوب؟ وحافظ نفسك ألا يعلم فيجازي الإنسان حسب عمله؟” (أمثال 24: 11-12 Smith & Van Dyke)

آراء آباء الكنيسة في سفر أستير

لم يترك آباء الكنيسة الأوائل تفسيرات تفصيلية لسفر أستير، ولكن يمكننا استنباط بعض المبادئ من كتاباتهم التي تنطبق على هذا الموضوع. يؤكد آباء الكنيسة على أهمية الحكمة والتمييز الروحي في اتخاذ القرارات الصعبة. كما يؤكدون على أهمية محبة القريب والتضحية من أجله.

القديس أثناسيوس الرسولي يؤكد على أن “الحكمة هي بداية الخيرات، وهي نور العقل الذي يضيء للإنسان طريقه” (᾿Αρχὴ σοφίας ἀγάπη Κυρίου – Athanasius, *Contra Gentes*, 30). ترجمة: “بداية الحكمة هي محبة الرب – St. Athanasius, *Contra Gentes*, 30”. (Arabic: “بداية الحكمة هي محبة الرب – القديس أثناسيوس الرسولي، ضد الوثنيين، 30”) وهذا يوضح أن الحكمة التي قادت أستير كانت متجذرة في مخافة الله.

أستير كرمز للسيد المسيح والكنيسة

يرى بعض اللاهوتيين أن أستير ترمز إلى السيد المسيح، الذي تجسد ليخلص شعبه من الهلاك. كما يرون أنها ترمز إلى الكنيسة، التي تسعى جاهدة لإنقاذ العالم من الخطيئة. إن تضحية أستير بحياتها من أجل شعبها تشبه تضحية المسيح بحياته من أجل خلاصنا.

يوحنا ذهبي الفم يرى أن “الكنيسة هي أستير الحقيقية التي تتوسط لنا أمام عرش النعمة” (Ἐκκλησία ἐστὶν ἡ ἀληθινὴ ᾿Εσθὴρ ἡ μεσιτεύουσα ὑπὲρ ἡμῶν πρὸς τὸν θρόνον τῆς χάριτος – John Chrysostom, *Homily 6 on Hebrews*, 4). ترجمة: “The Church is the true Esther who intercedes for us before the throne of grace – John Chrysostom, *Homily 6 on Hebrews*, 4”. (Arabic: “الكنيسة هي أستير الحقيقية التي تتوسط لنا أمام عرش النعمة – القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة 6 على رسالة العبرانيين، 4”). هذا يربط عمل أستير بعمل الكنيسة المستمر في الشفاعة.

💡دروس مستفادة من قصة أستير لحياتنا الروحية

  • الشجاعة والإيمان: تعلمنا قصة أستير أن نكون شجعانًا ومؤمنين بالله حتى في أصعب الظروف.
  • 📖 التضحية من أجل الآخرين: تعلمنا أن نضحي من أجل الآخرين وأن نضع مصالحهم قبل مصالحنا.
  • 🕊️ التمييز الروحي: تعلمنا أن نستخدم الحكمة والتمييز الروحي في اتخاذ القرارات الصعبة.
  • 📜 الصلاة والصوم: تعلمنا أهمية الصلاة والصوم في حياتنا الروحية. أستير أمرت شعبها بالصوم قبل دخولها إلى الملك.

❓أسئلة شائعة

س: هل كان دخول أستير إلى الملك دون دعوة خطيئة؟
ج: الأمر معقد. من ناحية، خالفت أستير القانون. من ناحية أخرى، كانت تحاول إنقاذ شعبها. يجب أن نزن الظروف المحيطة ونعتبر أن الله قد استخدمها لتحقيق خطته.

س: هل يمكننا أن نقتدي بأستير في عصيان السلطات؟
ج: يجب أن نكون حذرين. يجب أن نخضع للسلطات إلا إذا كانت أوامرهم تخالف وصايا الله. في هذه الحالة، يجب أن نطيع الله قبل الناس (أعمال الرسل 5: 29).

س: ما هي أهمية الصلاة والصوم في اتخاذ القرارات الصعبة؟
ج: الصلاة والصوم يساعداننا على أن نكون قريبين من الله وأن نسمع صوته. كما يساعداننا على أن نكون أكثر حساسية لاحتياجات الآخرين.

الخلاصة

في النهاية، هل دخول أستير إلى الملك دون دعوة مخالفة للشريعة؟ يمكن القول بأن تصرف أستير كان مبررًا في ضوء الظروف المحيطة. كانت تعمل بدافع حبها لشعبها ورغبتها في إنقاذه من الهلاك. يمكننا أن نتعلم من قصة أستير أن نكون شجعانًا ومؤمنين بالله، وأن نضحي من أجل الآخرين، وأن نستخدم الحكمة والتمييز الروحي في اتخاذ القرارات الصعبة. يجب أن نتذكر دائمًا أن الله يعمل في كل الأشياء لخير الذين يحبونه (رومية 8: 28). دعونا نصلي أن يمنحنا الله الحكمة والشجاعة لكي نفعل مشيئته في كل الظروف.

Tags

استير, سفر استير, الشريعة, مخالفة الشريعة, آباء الكنيسة, لاهوت قبطي, أحشويروش, الصلاة, الصوم, التضحية

Meta Description

هل دخول أستير إلى الملك دون دعوة مخالفة للشريعة؟ تحليل لاهوتي قبطي أرثوذكسي مستند إلى الكتاب المقدس وآراء آباء الكنيسة. استكشف الدروس المستفادة من قصة أستير.

من

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *