إضافات السبعينية: وحي إلهي أم زيادات بشرية؟ – تحليل المخطوطات والشواهد الكنسية
✨ ملخص تنفيذي: دفاع عن أصالة السبعينية
تتعرض ترجمة السبعينية اليونانية للكتاب المقدس العبري، وخاصة الأجزاء التي لا توجد في النسخة العبرية التقليدية (الأسفار القانونية الثانية أو الأسفار المحذوفة)، لتساؤلات حول أصلها الإلهي. تهدف هذه المقالة إلى دراسة شاملة لهذه “الإضافات السبعينية”، مستندة إلى تحليل دقيق للمخطوطات القديمة، وشهادات آباء الكنيسة، وعقيدة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. من خلال استعراض الأدلة التاريخية واللاهوتية، نؤكد أن هذه الأسفار جزء لا يتجزأ من الوحي الإلهي، وأنها تحمل قيمة روحية وتعليمية عميقة للمؤمنين. سنستكشف أيضاً كيف أن فهمنا لـ إضافات السبعينية يثري فهمنا للكتاب المقدس ككل.
الكتاب المقدس هو نور لحياتنا، ونحتاج دائمًا أن نفهمه بعمق، هذا البحث يتناول سؤالا جوهريا: هل إضافات السبعينية وحي إلهي أم مجرد زيادات بشرية؟ هيا بنا نتعمق في هذا الموضوع.
📖 السبعينية: نافذة على الوحي الإلهي
السبعينية هي ترجمة يونانية للكتاب المقدس العبري، يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد. تمثل هذه الترجمة أهمية كبيرة، لأنها كانت النسخة المستخدمة على نطاق واسع في زمن السيد المسيح والرسل. تتضمن السبعينية أسفارًا إضافية غير موجودة في النص العبري الماسورتي القياسي، والتي تعرف بالأسفار القانونية الثانية أو الأسفار المحذوفة. السؤال المطروح: هل هذه الأسفار جزء أصيل من الوحي الإلهي أم أنها إضافات بشرية؟
📜 تحليل المخطوطات: شهادة على الأصالة
إن فحص المخطوطات القديمة للسبعينية يكشف عن وجود هذه الأسفار الإضافية منذ القدم. مخطوطات مثل السينائية والفاتيكانية والإسكندرانية، وهي من أقدم وأكمل المخطوطات للكتاب المقدس، تحتوي على هذه الأسفار. هذا يشير إلى أن هذه الأسفار كانت جزءًا لا يتجزأ من السبعينية منذ نشأتها.
إن وجود هذه الأسفار في أقدم المخطوطات المتوفرة يعطيها مصداقية كبيرة، ويدحض الادعاءات بأنها أضيفت لاحقًا. فالمخطوطات تتحدث عن نفسها وتشهد لأصالة هذه الأسفار.
⛪ شهادات آباء الكنيسة: تأييد للأسفار القانونية الثانية
آباء الكنيسة، القادة الروحيون والمعلمون الأوائل للكنيسة، استشهدوا على نطاق واسع بالأسفار القانونية الثانية في كتاباتهم وتعاليمهم. هذا الاستخدام الواسع النطاق يشير إلى أنهم اعتبروا هذه الأسفار جزءًا لا يتجزأ من الكتاب المقدس.
- القديس أثناسيوس الرسولي: في رسالته الفصحية، أشار إلى سفر باروخ وسفر الحكمة كجزء من الأسفار “التي قرأها الآباء”.
- القديس كيرلس الأورشليمي: في تعاليمه للموعوظين، استشهد بسفر طوبيا وسفر يشوع بن سيراخ.
- القديس أغسطينوس: اعتبر سفر المكابيين جزءًا من الكتاب المقدس وأشار إليه في كتاباته عن الشهداء.
إن شهادة الآباء هي دليل قوي على أن الكنيسة الأولى قبلت هذه الأسفار كجزء من الوحي الإلهي. على سبيل المثال، يقول القديس أثناسيوس في رسالته الفصحية (Festal Letter 39): “τῶν δὲ ἀποκρύφων, ὅσα μὲν ἀναγινώσκεται, οἷον Σοφία Σολομῶνος, καὶ Σοφία Σειράχ… “ (وترجمتها: “أما الأسفار المخفية، فما يقرأ منها مثل حكمة سليمان وحكمة سيراخ…”) هذه العبارة تؤكد استخدام الكنيسة لهذه الأسفار في العبادة والتعليم. وبالعربية: “أما الكتب المخفية، فما يقرأ منها مثل سفر حكمة سليمان، وسفر حكمة سيراخ…”
🕊️ الروح القدس والأسفار القانونية الثانية
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تؤمن بأن الكتاب المقدس كله، بما في ذلك الأسفار القانونية الثانية، هو موحى به من الروح القدس. يقول الكتاب المقدس: “كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر” (2 تيموثاوس 3: 16 Smith & Van Dyke). هذا يشمل كل الأسفار التي قبلتها الكنيسة عبر العصور، بناءً على التقليد الرسولي وقيادة الروح القدس.
إن عمل الروح القدس لا يقتصر على الأسفار الموجودة في النص العبري فقط، بل يمتد ليشمل كل ما أوحى به الله للكنيسة. هذا يشمل الأسفار القانونية الثانية، التي تحمل رسائل روحية وتعليمية قيمة.
🔍 مقارنة مع النسخة العبرية: نظرة أعمق
إن الاختلافات بين السبعينية والنسخة العبرية لا تعني بالضرورة أن الأسفار القانونية الثانية هي إضافات بشرية. من المحتمل أن النسخة العبرية التي استندت إليها السبعينية كانت تحتوي على هذه الأسفار، ولكنها فقدت أو استبعدت لاحقًا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون هناك اختلافات في الترجمة والتفسير بين النسختين.
لا ينبغي أن ننظر إلى الاختلافات بين النسختين على أنها تعارض، بل على أنها وجهات نظر مختلفة تكمل بعضها البعض. فكل نسخة تحمل في طياتها رسائل ومعاني فريدة تثري فهمنا للكتاب المقدس.
🌍 السياق التاريخي والثقافي: فهم أعمق
إن فهم السياق التاريخي والثقافي الذي كتبت فيه الأسفار القانونية الثانية يساعدنا على فهم رسالتها بشكل أفضل. هذه الأسفار تعكس الحياة والتحديات التي واجهها اليهود في فترة ما بين العهدين، وتقدم لنا رؤى قيمة حول تطور الفكر الديني والاجتماعي في تلك الفترة.
على سبيل المثال، سفر المكابيين يروي قصة النضال من أجل الحرية الدينية والوطنية ضد الاضطهاد اليوناني. هذا السفر يعلمنا عن أهمية الثبات في الإيمان ومقاومة الظلم.
🔑 تطبيقات روحية لحياتنا اليوم
الأسفار القانونية الثانية تقدم لنا دروسًا روحية قيمة يمكننا تطبيقها في حياتنا اليومية:
- الحكمة العملية: سفر يشوع بن سيراخ يقدم لنا نصائح حكيمة حول كيفية التعامل مع الآخرين وكيفية عيش حياة مرضية لله.
- الصلاة والتضرع: سفر طوبيا يرينا قوة الصلاة والإيمان في مواجهة الصعاب.
- الرجاء في الله: سفر باروخ يعلمنا أن الله لا يترك شعبه أبدًا، حتى في أصعب الظروف.
- العدالة الاجتماعية: سفر الحكمة يؤكد على أهمية العدل والمساواة في المجتمع.
- مقاومة الشر: سفر المكابيين يلهمنا لمقاومة الشر والظلم والدفاع عن الحق.
- الثبات في الإيمان: تعلمنا الأسفار أهمية التمسك بالإيمان المسيحي الأصيل مهما كانت التحديات.
❓ أسئلة متكررة (FAQ)
- س: لماذا لا توجد الأسفار القانونية الثانية في الكتاب المقدس البروتستانتي؟
ج: البروتستانت استبعدوا هذه الأسفار في القرن السادس عشر بناءً على تفسيرهم الخاص للكتاب المقدس والتقليد. الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لم تفعل ذلك، واستمرت في اعتبارها جزءًا من الكتاب المقدس.
- س: هل هناك أي دليل علمي أو أثري يدعم وجود الأسفار القانونية الثانية في العصور القديمة؟
ج: نعم، الاكتشافات الأثرية في قمران (مخطوطات البحر الميت) كشفت عن أجزاء من بعض هذه الأسفار مكتوبة باللغة العبرية أو الآرامية، مما يشير إلى أنها كانت موجودة في تلك الفترة.
- س: ما هي أهمية الأسفار القانونية الثانية بالنسبة للمسيحيين الأرثوذكس؟
ج: هذه الأسفار جزء من تراثنا الروحي واللاهوتي، وتقدم لنا رؤى قيمة حول الإيمان والحياة المسيحية. إنها تساعدنا على فهم الكتاب المقدس بشكل أكمل وأعمق.
- س: كيف يمكنني الاستفادة من قراءة الأسفار القانونية الثانية؟
ج: يمكنك قراءة هذه الأسفار بتأمل وصلاة، وطلب إرشاد الروح القدس لفهم رسالتها. حاول ربطها ببقية الكتاب المقدس وتطبيقها في حياتك اليومية.
🌟 الخلاصة: أصالة السبعينية دعامة للإيمان
بعد هذا التحليل الشامل، نؤكد أن الأسفار القانونية الثانية، أو ما يعرف بـ إضافات السبعينية، هي جزء أصيل من الوحي الإلهي. إنها ليست مجرد إضافات بشرية، بل هي أسفار موحى بها من الروح القدس، وتشهد عليها المخطوطات القديمة وشهادات آباء الكنيسة وتقاليد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. هذه الأسفار تقدم لنا دروسًا روحية وتعليمية قيمة، وتساعدنا على فهم الكتاب المقدس بشكل أكمل وأعمق. فلنقرأها بتأمل وصلاة، ولنستفد من حكمتها وإلهامها في حياتنا اليومية.