إضافات السبعينية: وحي أم تقليد؟ – موقف الكنيسة الأرثوذكسية وأهميتها الروحية
ملخص تنفيذي: دفاع عن قانونية أسفار السبعينية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
تتناول هذه المقالة موقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الثابت من إضافات السبعينية، وتوضّح لماذا تعتبرها جزءًا أصيلًا من الكتاب المقدس الموحى به وليست مجرد تقليد بشري. نبحث في الأدلة الكتابية والتاريخية والآبائية التي تدعم هذا الموقف، مع التركيز على استخدام الرب يسوع والرسل لهذه الأسفار، واقتباسات الآباء الأولين منها، وأهميتها في فهم العقيدة الأرثوذكسية. كما نعرض ردودًا على الشكوك المثارة حول قانونيتها، ونبين كيف تساهم في النمو الروحي للمؤمن.
لطالما احتلت أسفار السبعينية مكانة خاصة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. ولكن، مع ظهور بعض الأصوات التي تشكك في قانونيتها، أصبح من الضروري توضيح موقف الكنيسة الأرثوذكسية من هذه الأسفار وبيان أهميتها في حياتنا الروحية. فهل هي وحي إلهي أم مجرد تقليد بشري؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذه المقالة.
الكنيسة الأرثوذكسية والسبعينية: نظرة تاريخية وعقائدية
تعتبر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية السبعينية (Septuagint) ترجمة موحى بها للعهد القديم، وليست مجرد ترجمة بشرية. إليكم بعض الأدلة:
- استخدام الرب يسوع والرسل للسبعينية: غالبًا ما كان الرب يسوع والرسل يقتبسون من السبعينية في العهد الجديد، مما يدل على قبولهم لها كسلطة كتابية. على سبيل المثال، الاقتباسات من سفر إشعياء (Isaiah) وسفر المزامير (Psalms) في الأناجيل غالبًا ما تتوافق مع السبعينية أكثر من النص العبري الماسورتي (Masoretic Text).
- اقتباسات الآباء الأولين: اقتبس الآباء الأولون، مثل القديس إيريناوس (St. Irenaeus) والقديس كليمندس الإسكندري (St. Clement of Alexandria)، بكثرة من السبعينية، معتبرين إياها سلطة كتابية. قال القديس إيريناوس باليونانية: “Ἡ γραφὴ λέγει” (He graphe legei – “الكتاب يقول”)، مشيرًا إلى نصوص من السبعينية. ترجمتها بالعربية: “الكتاب يقول”.
- شهادة التاريخ الكنسي: استعملت الكنيسة السبعينية على نطاق واسع منذ العصور الأولى، وهي تعتبر النسخة الرسمية للعهد القديم في الكنيسة الأرثوذكسية.
- احتواء السبعينية على أسفار قانونية ثانية: تحتوي السبعينية على أسفار مثل سفر طوبيا (Tobit)، سفر يهوديت (Judith)، سفر المكابيين (Maccabees) وأجزاء من سفري دانيال وإستير، والتي لا توجد في النسخة العبرية الماسورتية. وتعتبر الكنيسة هذه الأسفار جزءًا أصيلًا من الكتاب المقدس.
الأسفار القانونية الثانية (Deuterocanonical Books): جزء من الوحي الإلهي
الأسفار القانونية الثانية ليست مجرد إضافات تاريخية أو أدبية، بل هي جزء لا يتجزأ من الوحي الإلهي. هذه الأسفار تقدم رؤى هامة حول:
- الحياة الأخلاقية والروحية: سفر طوبيا (Tobit) يركز على أهمية فعل الخير والصدقة.
- الإيمان بالله في أوقات الشدة: سفر يهوديت (Judith) يظهر كيف يمكن للإيمان أن ينتصر على أقوى الأعداء.
- القيامة والحياة الأبدية: سفر المكابيين (Maccabees) يقدم دليلًا واضحًا على الإيمان بالقيامة والحياة الأبدية، وهو ما يؤكده العهد الجديد. 2 Maccabees 7:9: “ὁ βασιλεὺς τοῦ κόσμου ἡμᾶς ἀποθανόντας ὑπὲρ τῶν νόμων αὐτοῦ ἀναστήσει εἰς αἰώνιον ζωὴν” (ho basileus tou kosmou hēmas apothanontas hyper tōn nomōn autou anastēsei eis aiōnion zōēn – “ملك العالم سيرسلنا، نحن الذين متنا من أجل قوانينه، إلى حياة أبدية”). ترجمتها بالعربية: “ملك العالم سيقيمنا نحن الذين متنا من أجل قوانينه لحياة أبدية أبدية”.
- الحكمة الإلهية: أسفار الحكمة مثل سفر يشوع بن سيراخ (Sirach) وسفر الحكمة (Wisdom of Solomon) تقدم دروسًا قيمة في الحكمة والتقوى.
دفاع آبائي عن قانونية أسفار السبعينية
الآباء الأولون دافعوا بقوة عن قانونية أسفار السبعينية. على سبيل المثال:
- القديس كيرلس الأورشليمي (St. Cyril of Jerusalem): اقتبس من أسفار الحكمة في عظاته، معتبرًا إياها جزءًا من الكتاب المقدس.
- القديس أثناسيوس الرسولي (St. Athanasius the Apostolic): أشار إلى أسفار المكابيين كجزء من الكتاب المقدس في رسائله الفصحية.
- القديس أغسطينوس (St. Augustine): اعتبر السبعينية ترجمة موثوقة وموحى بها للعهد القديم.
الرد على الشكوك حول السبعينية: مقارنة مع النص العبري الماسورتي
تثار بعض الشكوك حول السبعينية بسبب الاختلافات بينها وبين النص العبري الماسورتي. ولكن، يجب أن نضع في الاعتبار ما يلي:
- النص الماسورتي ليس هو النص الأصلي الوحيد: هناك أدلة تشير إلى وجود نصوص عبرية أخرى كانت متداولة في زمن الرب يسوع والرسل، وقد تكون السبعينية أقرب إلى بعض هذه النصوص.
- الاختلافات لا تؤثر على العقيدة الأساسية: معظم الاختلافات بين السبعينية والماسورتي طفيفة ولا تؤثر على العقيدة المسيحية الأساسية.
- السبعينية تحمل بُعدًا روحيًا خاصًا: يرى البعض أن السبعينية تحمل بُعدًا روحيًا خاصًا، وأنها تعبر عن الوحي الإلهي بطريقة فريدة.
FAQ ❓
أسئلة متكررة حول السبعينية وموقف الكنيسة الأرثوذكسية:
-
س: هل تعترف الكنيسة الأرثوذكسية بجميع أسفار السبعينية؟
ج: نعم، تعترف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بجميع الأسفار الموجودة في السبعينية كجزء من الكتاب المقدس الموحى به. وهذا يشمل الأسفار القانونية الثانية.
-
س: ما هي أهمية دراسة أسفار السبعينية للمسيحي الأرثوذكسي؟
ج: دراسة أسفار السبعينية تساعد في فهم أعمق للعقيدة المسيحية، وتثري الحياة الروحية، وتوضح السياق التاريخي للكتاب المقدس، وتقوي إيماننا بالله.
-
س: كيف أرد على شخص يشكك في قانونية السبعينية؟
ج: يمكنك الرجوع إلى الأدلة الكتابية والتاريخية والآبائية التي تدعم قانونية السبعينية، وشرح موقف الكنيسة الأرثوذكسية، والتأكيد على أن الإيمان يعتمد على الوحي الإلهي وليس فقط على النص الحرفي.
الخلاصة: إضافات السبعينية ودورها في حياتنا الروحية
في الختام، نؤكد أن موقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من إضافات السبعينية واضح وثابت: هذه الأسفار هي جزء لا يتجزأ من الكتاب المقدس الموحى به، ولها دور هام في فهم العقيدة المسيحية ونموّنا الروحي. يجب علينا أن نقرأ هذه الأسفار بتدبر وصلاة، وأن نستفيد من الحكم والنصائح الموجودة فيها. فلنجعل كلمة الله نورًا يضيء طريقنا وهاديًا يرشدنا في كل حين. فلنتمسك بالسبعينية ككنز روحي ثمين ورثناه عن آبائنا القديسين.
Tags
الكنيسة الأرثوذكسية, السبعينية, الأسفار القانونية الثانية, الوحي الإلهي, الآباء الأولون, الكتاب المقدس, العقيدة المسيحية, التاريخ الكنسي, الدفاع عن الإيمان, النمو الروحي
Meta Description
موقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من إضافات السبعينية: هل هي وحي إلهي أم تقليد؟ بحث شامل يوضح الأهمية الروحية والتاريخية والعقائدية لأسفار السبعينية.